حدقة إنسانهان وعين أعيانها، وركن مجلسها، وعائلته من أكرم العائلاة وأرأسها، وقد بذل المترجم همته، مذ نيطت عنه التمائم، بكسب المعالي ونيل المكارم، إلى أن صار للتلقي أهلاً، وللترقي مجلى، فجاء إلى الآستانة العلية، في أوائل سنة ألف ومائتين وخمس وخمسين هجرية، وكان ذلك في أواخر أيام السلطان محمود خان، فألف حاشية على الشافية لابن الحاجب وسماها غاية البيان فكانت حسب الواجب، وسلك مسالك العلوم العربية، وخاض بحار الفنون الأدبية، وأتقن من كل علم حقيقته ومجازه، وشهد له بالكمال شيوخه وكل منهم أذن له في التدريس وأجازه، ثم قرأ الفارسية وأتقنها، كما أنه حفظ اللغة العربية وأحسنها، وأما العلوم الرياضية والطبيعية وعلم المعقولات والسياسة، فلا ريب أن له فيها كمال التقدم والرئاسة، وفي سنة ألف ومائتين وإحدى وستين، وجهت إليه رتبة مدرس أول بين المدرسين، وتمم شرح ديوان الصاحب الجليل، الذي كان قد شرع في شرحه فهيم أفندي ومات قبل التكميل، وفي سنة ألف ومائتين وست وستين لما فيه من كمال الأهلية، صار عضواً في مجلس المعارف العمومية، وفي أيام المرحوم عباس باشا خديوي مصر، رافق فؤاد باشا في سفره إلى القاهرة ذات القدر، ثم بعد رجوعهما وجهت إليه عضوية مجلس المعارف الداخلية، الذي أنشىء في دار السعادة العلية، ويوم فتحه قدمت إلى الحضرة الشاهانية، نسخة من القواعد التركية، التي اشترك هو وفؤاد باشا في تأليفها، واتقانها وتهذيبها وترصيفها، ثم ألف الرسالة المسماة بمدخل القواعد، ثم اختصرها وأجاد بما أراد من الفوائد، وفي سنة ألف ومائتين وسبعين