للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبرزت من مصون الخدر نفائسها، مطوقة الجيد بنظيم العقود، متحلية بلباس قديم الألفاظ الفارقة بين الشاهد والمشهود، وصلاة وسلاماً على المؤيد بمعجزات تتلى، على ممر الدهور لا تخلق ولا تبلى، فلم تصل إلى لمسها يد فكر عن التمسك بالحق حائدة، ولم يتطرق إليها سنان ألسنة لقبيح الطعن رائدة، بل حميت حديقتها بحصون القول المصون، " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " فتمنعت بجيوش صولة الإعجاز، عن رؤية جاهل لا يفرق بين الحقيقة والمجاز، وعلى آله الذين مهدوا منهاج البلاغة، وأصحابه الذين امتثلوا أوامره وصدقوا بلاغه، وعلى التابعين وأتباعهم الكرام، إلى قيام الساعة وحشر الأنام.

أما بعد فإن روض الكلام القديم لا تزال أفنانه تترنح بنسمات القبول، وثمرات أدواحه لا يعتري نضارتها مدى الدهر ذبول، وتلاوة آياته أشرف عبادة وأجل طاعة، وخدمته على كل حال لذوي العرفان أجل بضاعة، بيد أنه لا يتيسر لكل إنسان الدخول لحرم فهم آياته، ولا يرتقي معانيه لمعالي معانيه ومجالي مرآته، إلا بشرح يشرح القلب والخاطر، ويجلو غين الأغيار عن عيون البصائر، فلذلك شمر عن ساعد الجد والاجتهاد، وحسر ذيل العوائق عن الوصول إلى أوج المراد، حضرة المتحلي بحلية الفضائل، والمتخلي عما لا يعد من أكمل الشمائل، جمال العلوم والمعارف، المتفيء ظل ظليلها الوارف، من أشرقت بسنا علومه مطالع بروجه، واشتهر في الأقطار ارتقاؤه على مدارج عروجه، المولى الهمام، عمدة العلماء الأعلام، فخري زاده السيد حسن حسني أفندي قاضي الشام، بلغه الله في الدارين المراد والمرام، فكتب من التفسير إلى سورة الأنعام، وذكر ما يشهد له بأنه قد أولى الناس منه وإنعام، ولعمري قد رمى قلوب حساده بشرر كالقصر، ونشر

<<  <   >  >>