للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البرية، وله النظم الحسن المقاطع، والإبداع الذي أتقن به البدائع، منه قوله لما وقعت في المدينة الفيحاء، فتنة العام المؤرخة بهذه القصيدة الغراء، أنشدها متوجعاً باكياً ولحضرة الرسالة شاكياً:

أخي إذا ما جئت في سوح أحمدا ... تضرع له وامدد إلى نحوه اليدا

وناد وقل يا سيد الرسل نجدة ... تفرج عنا ما أقام وأقعدا

عسى نفحة منكم عسى لمحة بنا ... تحف عسى المولى يجيب لنا الندا

لقد طال هذا الكرب واشتد عسره ... وشتت جيش الصبر طراً وبددا

وكدر وجه الدهر بعد ابتهاجه ... ونغص عيش المؤمنين ونكدا

وأذهب راحات النفوس جميعها ... فلله ما ولى ولله ما بدا

ولم يبق إلا أن يذيب رسومنا ... وأما قلوباً قد أذاب وأكبدا

كأن كروب الدهر أجمع أمرها ... على حربنا فاستنفرت نحون العدا

هموم غموم ثم قلة راحة ... وحزن عظيم كلما رث جددا

ثلاثة أعوام نكابد همها ... وإن لم تدار كنا هلكنا فأنجدا

ومن قبلها قد كان قحط وشدة ... وأشجار ظلم أثمرت علة ودا

وكم جرعتنا كأس صبر وحنظل ... مرارتها أدنى المصائب والردى

فرادى ومثنى حيثما ثم سكرنا ... تركنا حيارى قط لا نعرف الهدى

فنسأل رب العرش تفريج كربنا ... بجاهك يا رب السماحة والندى

ومذ شق أقوام عصاهم وشمتوا ... عداهم وأضحى كل وغد مسودا

تهلل وجه الرفض بعد اغبراره ... وأصبح ذو رفض عزيزاً وسيدا

يجر ذيول التيه في أرض طابة ... وكم من لعين منهم السيف جردا

وسروا سروراً لم يسروا بمثله ... وغنى مغنيهم لذاك وغردا

وقد مر دهر لا يجرون ذيلهم ... ومن جر أمسى بالتراب موسدا

وما قصدهم إلا انتهاك محارم ... وتخريب دور المؤمنين أولي الهدى

وما منهم إلا لعين وملحد ... وجد مجوسي وابن تهودا

<<  <   >  >>