وأكثر شعره فارسي، وله فيه ديوان نظم بديع، ونثر يفوق أزهار الربيع، وهو الآن أعني تاريخ عام ألف ومائتين وثلاثة وثلاثين يدرس العلوم، من حديث وأصول وتصوف ورسوم، ويحيي للأولياء الرسوم، ويداوي الكلوم، ويربي السالكين على أحسن حال، وأجمل منوال، وقد مدحه أدباء عصره من مريديه وغيرهم بقصائد فارسية وعربية، ورحل إليه كثير من الأقطار الشرقية والغربية، وبابه محط رحال الأفاضل، ومخيم أهل الحاجات والمسائل، لا يشغله الخلق عن الحق، ولا الجمع عن الفرق، لا زال ظله ممدوداً، ولواء ترويج الشريعة والطريقة بوجوده معقوداً، آمين.
إن الذي قلت بعض من مناقبه ... ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا
انتهى. ثم قال صاحب الحديقة سيدي محمد بن سليمان في رسالته المرقومة: ولقد حبب إلي أن أثبت هنا قصيدة نظمتها سنة ألف ومائتين وإحدى وثلاثين في مدحه، مستندياً مستجيزاً من فيض فتحه، حتى تتخلد في الدفاتر، وتبقى من المآثر، وهي هذه برمتها.
تبدت لنا أعلام علم الهدى صدقا ... فصار لشمس الدين مغربنا شرقا
وأشرق منها كل ما كان آفلاً ... وأصبح نور السعد قد ملأ الأفقا
سقى الله من ماء المحبة وابلاً ... قلوباً به هامت فقل كيف لا تسقى
لقد زهدوا فيما سواه فأصبحت ... قلوبهم مملوءة للقا شوقا
لقد غرقوا في بحر حب إلههم ... فناهيك من بحر وناهيك من غرقى
إذا ما سرت للسر أسرار شوقهم ... لسيدهم زادوا لرتبته حرقا
قلوب سرت نحو الهدى بمعسكر ... فعادت سهام الحب ترشقها رشقا
وجاء من التوحيد جيش عرمرم ... فأفنى الذي أفنى وأبقى الذي أبقى
هم القوم لا يشقى جليسهم غداً ... وهل أحد يحظى بقربهم يشقى
أبا خالد ذلت لديك عصابة ... فوالاهم حباً وأدناهم وفقا