سليم العطار والشيخ إبراهيم العطار ثم لازم شيخنا الفاضل الشيخ محمد بن مصطفى الطنطاوي فقرأ عليه أنواعاً من العلوم وصار عنده ملكة عظيمة، وقوة جسيمة، وكان حسن العشرة، طيب النشرة، نطوقاً في الكلام جميل المقال، لا يمل حديثه وإن طال، ممدوح المجالسة لطيف المؤانسة.
له في الحكايات الأدبية حافظة قوية، وعلى حكاياته طلاوة وعذوبة وحلاوة، رقيق الحاشية لطافته في الناس فاشية، فقير الحال زاهد في الجاه والمال، له في العلوم همة تقتضي أن يصير من أفراد الأمة، مواظب على ديانته غير ناظر معها إلى راحته، آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر، آخذ بالعظائم لا تأخذه في الله لومة لائم، جسور في الجواب لا يخاف ولا يهاب، لا يمشي إلى دعوة إو إلى أهل أو صاحب أو جليس إلا ومعه من الكتب عدة كراريس، لا يخلو مجلسه من نصيحة أو موعظة أو جواب أو سؤال، أو حكاية تكسو المجلس حلة الجمال، فاشتهر وفاق وانعقد على كمال لطفه وأدبه الاتفاق، وصار له قدر مديد خصوصاً وهو من ذرية سيدنا خالد بن الوليد، كأنما لسان حاله يقول لمريد الترقي للوصول:
من يطلب العز يتعب في مدارجه ... فالعز طود وأرض الذل ميدان
لولا المشقة ما فاق الورى بشر ... ولا سيما في الدنا بالمجد إنسان
ومن هذا المعنى قول من قال وأحسن في المقال:
لا تدرك العلياء دون مشقة ... كلا ولا الحسنى بلا تهذيب
فالعز في كلف الرجال ولم ينل ... عز بلا كلف ولا تعذيب
ولم يزل مستقيماً على حاله متخلصاً من أوحاله، إلى أن حضر إلى داريا خليفة من خلفاء الشيخ علي المغربي اليشرطي الشاذلي وكان قد أرسله من عكا، واسمه الشيخ أحمد البقاعي، فأخذ المترجم عنه الطريق،