وكان يتبرأ كثيراً من نسبة ذلك إلى والده، وكان يقول لي أن والدي يأكل ويشرب ويأتي النساء ويمرض ويتألم، ومن تعرض له هذه العوارض كيف يسوغ له أن يكون ألهاً؟ وهذه الدعوة افتراها عليه أخوه الأصغر وجماعته، إلا أن أكثر أهل عكا ممن اجتمعت بهم ينسبون له هذا الاعتقاد وقد أرسل والي الشام سفيراً من طرفه لاستكشاف حالهم حينما كنت هناك، فاستحصل مصحفاً منسوباً إليه مشتملاً على آيات ملفقة من القرآن. وقد رأيته ثم سألت عنه ولده المومى إليه، فقال وهذا أيضاً من جملة الافتراء علينا، وليت شعري من الذي رأى والدي وسمع منه ذلك، أو شاهد منه حالاً يقتضي دعوة النبوة أو الألوهية، كل ذلك من أكاذيب أعدائنا والافتراء علينا لا أصل له، والله يعلم ذلك لا تخفى عليه خافية في الوجود.
ثم إن المترجم استأذن من الباب العالي في التوجه إلى الحجاز، فجاءه الجواب بالإذن، وبعد توجهه وقضاء مناسكه بالتمام، تمرض أياماً وتوفي بالبلد الحرام، ودفن هناك في المعلى الشريف، وكان ذلك في ذي الحجة الحرام سنة ألف ومائتين وأربع وتسعين رحمه الله تعالى.