العلم والعمل، والنائل من الفضائل فوق ما يتعلق به الأمل، فهو الفاضل الذي إذا أعمل أسمر يراعه في بطون الكواغد، أرى جميل الآثار من فوائد العوائد وعوائد الفوائد، كيف لا وهو المتمكن من العلوم، والمتوطن لإبراز الصواب من خزانة المنطوق والمفهوم، فلا ريب أنه البديع بيانه، والرفيع القدر مقامه وشأنه، ومن تشير الأصابع لفضله، والألسن تعلن بأن الكمال لا ينكر على أهله. وقد أحسن في الأدب كل الإحسان، وأتى بما تضعه العيون مكان الإنسان، فلله فضله ودره حيث قلد جيد الآداب لؤلؤه الثمين ودره، وخلب الألباب سحره، وملك مجامع القلوب نظمه ونثره، فمن بديع نظامه، ورفيع كلامه، مخاطباً به العلامة السيد عمر المدرس المدني الداغستاني، معرضاً له بالإقبال على زاد الآخرة والإعراض عن عرض الإماني:
يا ويح مبتاع الضلالة بالهدى ... فلسوف يندم يوم يؤخذ بالنواصي
ما همه إلا لقاء كواعب ... عرب تميس كأنها القضي النواضر
للنقص في الدنيا يسوء وإنما ... حسناته عند الحسا هي النواقص
لم يدر أن لا بد يوماً أن يرى ... في آلة حدباء تندبه النوادب
فيكون وهو بحالة لم ينتفع ... ببكا البواكي بل ولا نوح النوائح
فدع التكاسل واستعد محاذراً ... بغت المنون وما ينوب من النوائب
واذكر إلهك بكرة وعشية ... واشكر له وصل الفرائض بالنوافل
واعبده واتقه ولا تكفر به ... وافعل أوامره ولا تأتي النواهي
واسأله لا تسأل سواه فإنه ... من فيض أبحر جوده ترجى النوائل
وارغب إليه وعذ به متوقعاً ... فرجاً إذا نزلت بساحتك النوازل
فأجابه المرسول إليه على أسلوبه
يا فاضلاً حاز العلوم وسيداً ... أبدى نظاماً حسنه راق النواظر