المستأنس بربه المستوحش من الناس، مولانا السيد الشيخ محمد بهاء الدين مهدي الشيوخي الصيادي الرواس، لبس منه الخرقة عام تشريفه بغداد دار السلام، وتمم السلوك على يديه، وأخذ عنه العلوم الشرعية والتصوفية، وحفظ جميع كلامه المنظوم بعد الوقوف على كنوز حقائقه الدرية، ورموز معاني دقائقه الخفية، ولما استوفى سلوكه في الطريقة، وملك زمام الكشف عن مضرات كل حقيقة، آذنه بالرجوع لوطنه ودياره لنشر الطريق المبارك وقال له يوم وداعه:
دخلت لحاننا فاشطح وغني ... فأنت وحقنا عنا تنوب
فعاد مصحوباً بالسلامة للديار الحلبية، وعمتها بسببه بركة الحضرة الرفاعية وبعد رجوعه ببرهة يسيرة، خطر دار السعادة مركز الخلافة الإسلامية، فنشر بها علم الطريقة العلية، وانتسب له أفاضل الناس، لعلمهم أن طريقه المبارك قام على أساس من العرفان والشرع وأي أساس، وعاد منها بنقابة أشراف جسر الشغور من أعمال حلب، فانعطفت له الأنظار والقلوب بحسن الطلب، ثم بعد برهة يسيرة ولي نقابة الأشراف بحلب الشهباء، وأقبل على تعظيمه واحترامه بها الفقهاء والفقراء، وفي هذه الأثناء لا زال يخطر اسلامبول المحروسة، ذات الأطلال المأنوسة، ويترقى في المراتب العلمية، ويعظم اشتهاره لدى رجال الدولة العلية، حتى بلغ أمره الخليفة المعظم ظل الله في العالم، وارث سرير خلافة سيد المخلوقين نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ناصر الشريعة الغراء، وناشر ألوية الطريقة السمحاء، خادم الحرمين الشريفين إمام المشرقين والمغربين، السلطان ابن السلطان السلطان الغازي عبد الحميد خان،