للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينما طلبت دولة فرانسا من السلطان المومى إليه أن يكفله، وبعد أن استقام عشرة أيام، والطعام في كل يوم يأتيه من السرايا إلى الباخرة، توجه إلى بروسة فدخلها يوم الاثنين السابع من ربيع الثاني سنة ١٢٦٩ وتلقاه واليها خليل باشا صهر الذات الشاهانه ومعه العلماء والوزراء والكبراء، ثم أنه لم يستقر به الأمر أياماً حتى جاء عنده خليل باشا بأمر السلطان المعظم يخبره بأن مراد الدولة العلية أن تعين له معاشاً يكفيه مع الاتساع هو ومن يلوذ به، فسر المترجم بذلك، ووجه لأمير المؤمنين ما يليق من الدعوات، غير أنه اعتذر بأن إمبراطور فرنسا قد عين له ما يكفيه ويكفي من معه، وأما حضرة أمير المؤمنين فإن ما أسداه إليه من كفالته عند فرنسا فإنها هي المنة التي لا تقابلها منة، حيث أنه لولاها لم يتيسر له الخروج من بلاد فرنسا. ثم أنه لما رأى ما عرا هذه المدينة من كثرة الزلازل، ورأى أن جماعته قد ضاقت صدورهم من الإقامة بها، وقد تحسن عندهم تبعاً لسعادة الأميرة الرحلة إلى دمشق الشام، فسافر إلى الآستانة أول ذي الحجة سنة إحدى وسبعين ومائتين وألف، ثم إلى باريز فتلقاه الإمبراطور ورجال الدولة بكل عظمة وإجلال، ثم رجع إلى الآستانة وقدم الاستئذان من الباب العالي بالرخصة له أن يرحل إلى دمشق الشام، فصدرت أوامر الدولة العلية لمحمود نديم باشا والي دمشق بالاستعداد لقدومه، وإعداد محل لائق به. ثم أن الأمير المرقوم غب حضور الإذن رجع إلى بروسة، وفي خامس ربيع الثاني خرج منها بمن معه وكانوا مائتين نفس فركب بهم باخرة فرنساوية إلى بيروت، فاستقبله الخاص والعام واهتزت لقدومه أنحاء الشام، وبقي قليلاً من الأيام ثم رحل ودخل الشام، وكان قد خرج للقائه أهل البلد، ولا يبعد أن يقال ما شذ منهم أحد،

<<  <   >  >>