هو ووالده لما قدم حلب وأجازه بخطه، وسمعه أيضاً من أبي البركات عبد القادر بن عبد اللطيف النيسابوري الطرابلسي، وأجازه غالب شيوخه، وتفوق وتنبل ومهر وأقبل على نظم الشعر فنظم ونثر، وكان من الأدباء البارعين. ولما سافر العالم المؤرخ الفاضل محمد خليل أفندي المرادي إلى حلب سنة خمس ومائتين وألف اجتمع المترجم به فأخذ عنه واستجازه ونظم هذه القصيدة يمدحه ويهنيه بعيد الفطر:
أبدت لنا الورقاء من ألحانها ... سجعاً ينوب عن السلاف وحانها
تثني على أيامك الغر التي ... هي عندنا الأعياد في أعيانها
فترنحت تلك الغصون صبابة ... وسرت حميا الأنس في عيدانها
وتأرجت أزهارها وتبلجت ... أنوارها وافتر ثغرها أوانها
فالنشر ند والمحاسن غادة ... وطغى الحباب على عقود جمانها
طارحتها شكوى الغرام وحالتي ... وهوى أقام على حمى أوطانها
أخبار حب قد روتها أدمعي ... وتسلسلت في الخد عن نعمانها
كادت بطلف حديثنا وسماعه ... أن ترسل العبرات من أجفانها
حتى درت ماذا أكابد في الهوى ... وتعرفت صدق الهوى بعيانها
ذكرت لتجديد العهود مواعداً ... يجب الوفاء بها على ندمانها
واستقبلت عود الأماني باللقا ... لقدوم عيد الفطر من إبانها
فيه يهنى واحد المجد الذي ... ثنى ذكاء في سمو مكانها
المشتري رتب الكمال من العلا ... والواهب الجوزاء من كيوانها
المنتقى من أكرمين أعاظم ... نالوا الثوابت من لدى دورانها
شم العرانين الفخام إلى السهى ... من غير ما يزهو على أخدانها
فهم الصدور مهابة وجلالة ... وهم البدور طوالعا في آنها
والجود ألقى في ذراهم رحله ... إذ كذبوا الأنواء في هتانها