للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخيم السلطاني وسدوا عنهم الجسر بعد أن استقرت القاعدة على تسليم دمياط، وأنهم لا يقصدون الديار المصرية مدة أربعين سنة، وتحالفوا على ذلك، وتسلم المسلمون دمياط في تاسع عشر شعبان منها، وسافر الفرنج إلى بلادهم، فكانت مدة مقامهم بالديار المصرية أربعين شهرا وتسعة عشر يوما، واستبشر المسلمون بنصر الله عز وجل (١). وفي المرآة (٢): وفي هذه السنة توجه الملك المعظم عيسى إلى أخيه الملك الأشرف واجتمعا [٤٢١] على حران، وكتب صاحب ماردين ناصر الدين إلى الأشرف يسأله أن يصعد المعظم إليه، فسأله الأشرف، فسار إلى ماردين ونزل صاحب ماردين والتقاه في دنيسر، وأصعده إلى القلعة وخدمه خدمة عظيمة، وقدم له التحف والجواهر وتحالفا واتفقا على ما أرادا، وزوج المعظم إحدى بناته ناصر الدين صاحب ماردين، وزوج ابن ناصر الدين ابنته الأخرى، وخلع على جميع أصحابه وأعطاهم الأموال، ورجع المعظم إلى حران، ووصلت الأخبار بوصول التتار إلى كرماشاهان (٣) قريبا من بغداد، فانزعج الخليفة وأمر الناس بالقنوت في الصلوات، وحصن بغداد واستخدم العساكر. وفي جمادى الآخرة فتحت دمياط، وكان المعظم من أحرص الناس على خلاص دمياط، وكان مصافيا لأخيه الكامل، وكان الأشرف مقصرا في حق الكامل، وكان مباينا له في الباطن، فلما اجتمعت العساكر على حران قطع بهم المعظم الفرات، وسار الأشرف في آثارة، وجاء المعظم فنزل حمص ونزل الأشرف سلمية (٤). قال السبط (٥): وكنت قد خرجت من دمشق إلى حمص لطلب الغزاة، فإنهم كانوا على عزم الدخول إلى طرابلس، فاجتمعت بالمعظم على حمص في ربيع الآخر، فقال لي: قد سحبت الأشرف إلىّ هاهنا بأسناني (٦) وهو كاره، وكل يوم أعتبه في تأخره وهو يكاسر وأخاف من الفرنج أن يستولوا


(١) ورد هذا الخبر بتصرف في الكامل، ج ١٢، ص ٣٢٨ - ص ٣٣٠؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٩٦ - ص ٩٧؛ المختصر، ج ٣، ص ١٢٩ - ص ١٣٠؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٦ - ص ١١٨؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٠٢.
(٢) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٠٧.
(٣) كرماشاهان: مدينة في عراق العجم.
انظر: بلدان الخلافة الشرقية، ص ٢٢٢.
(٤) سَلَّمية: بليدة من أعمال حماة.
انظر: معجم البلدان؛ ج ٣، ص ١٢٣.
(٥) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٠٧ - ص ٤٠٨.
(٦) "بلساني" كذا في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان حيث ينقل عنه العيني، ج ٨، ص ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>