للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السبط (١): وكان فى قلب المعظم له شحناء لأنه كان يشفق عليه ويحفظه فى أماكن يدخل إليها بدمشق فى الليل وهو شاب، فيأمر غلمانه أن يتبعوه من بعيد، وكان العادل فى مصر يكتب إليه بذلك، فلما مات العادل أظهر ما كان فى قلبه منه، فاعتقله مدة فى القلعة، فلم يظهر عليه ولا على أحد من أولاده وحاشيته أنه أخذ من الرعية ما قدره مثقال حبة من خردل، ولاغَيَّرَ ما كان عليه من العفة والأمانة والصلاح والديانة، ثم أنزله من القلعة إلى داره وحجز عليه فيها، وبالغ فى التشديد عليه، وكانت وفاته يوم السبت الحادى والعشرين من ذى القعدة، عن ثمانين سنة، ودفن بجبل قاسيون (٢) فى التربة التى أنشأها بالجبل.

قال السبط (٣): وحكى لى أنه ولى دمشق نيابة عن بدر الدين الشحنة أول ولاية صلاح الدين، ثم استقل بالولاية إلى أن عزل فى سنة سبع عشرة وستمائة، فكانت ولايته نيابة واستقلالا قريبا من خمسين سنة، قالوا: ولم يوجد على المبارز شئ إلا أنه كان يحبس وينسى، فعوقب بمثل ذلك، أقام محبوسا خمس سنين إلا أياما.

قال ابن كثير (٤): وتربته مجاورة لمدرسة أبى عمر (٥) قبلى السوق، وله عند تربته مسجد يعرف به.

شبل (٦) الدولة كافور الحسامى، نسبة إلى حسام الدين محمد بن لاجين، وَلَد ست الشام، وهو الذى كان مستحثا على عمارة الشامية البرانية (٧) لمولاته ست الشام (٨)،


(١) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٢٢.
(٢) جبل قاسيون: جبل مشرف على مدينة دمشق، وهو جبل معظم يروى فيه آثار للصالحين.
معجم البلدان، ج ٤، ص ١٣.
(٣) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٢٢.
(٤) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٤.
(٥) مدرسة أبى عمر: هي المدرسة العمرية الشيخية أى مدرسة الشيخ أبى عمر بالجبل فى وسط دير الحنابلة، بصالحية دمشق، واقفها وبانيها الشيخ أبو عمر الكبير والد قاضى القضاة شمس الدين الحنبلى فى سنة سبع وستمائة.
انظر: الدارس فى تاريخ المدارس، ج ١، ص ٥٠١؛ ج ٢، ص ١٠٠.
(٦) انظر: الذيل على الروضتين، ص ١٥٠؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٥؛ المرآة، ج ٨، ص ٤٢٣؛ الشذرات، ج ٥، ص ١٠٩.
(٧) المدرسة الشامية البرانية: بالعقيبة بمحلة العونية وهى من مدارس الشافعية، بانيها والدة الملك الصالح اسماعيل، وقيل فى موضع: إن الذى أنشأها ست الشام ابنة نجم الدين أيوب بن شادى بن مروان أخت الملك الناصر صلاح الدين، وهى من أكبر المدارس وأعظمها وأكثرها فقها وأوقافا، وتعرف هذه المدرسة أيضا بالحسامية نسبة إلى حسام الدين بن لاجين المدفون فيها مع والدته ست الشام.
انظر: الدارس فى تاريخ المدارس، ج ١، ص ٢٧٧.
(٨) ست الشام: الخاتون ست الشام بنت نجم الدين الأيوبى بن شادى بن مروان، وأخت الملك الناصر صلاح الدين والعادل، توفيت يوم الجمعة سادس عشرين ذى القعدة سنة ٦١٦ هـ، ودفنت بتربتها التى بمدرستها الشامية.
انظر: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٢٤٥؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٢؛ الدارس، ج ١، ص ٢٧٧ - ص ٢٧٨؛ الشذرات، ج ٥، ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>