للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي ومن تخلف بها من أرباب الدولة على أنهم إذا صلوا صلاة العيد ولم يحضر السلطان يجلسونه على السرير إذ كان فيه من أسباب الرياسة وأدوات السياسة ما استمالت القلوب إليه، فلما خرج الناس يوم العيد إلى المصلي وصل السلطان وحضر الخطبة، فاعتدوا بعودة عيدًا، وأقام بها عدة أيام إلى أن تراجعت فرق من عساكره المتفرقة، وجازي السلطان ميمنة عسكره بمزايد الرواتب والمراتب، فلقب بكت ملك بأوترخان، وبكتيارون جنكشي بخاص خان، وكي سنقرخان، وأبوبكر ملك بإينام خان، وسار بهم متشرقا نحو الرى، ليزيد التتار نفورا. وجرد عساكره إلى أرض خراسان بريد بذلك انتشار الصيت والقوة وبعد سمعة القدرة، وأما التتار فقد عادوا من أصفهان خائفين وأنهم مع انتصارهم في آخر النهار قد نالت منهم السيوف ما لم تنله من المسلمين فنكص (١) التتار على أعقابهم ملعونين، فلم يتخلص منهم إلى ما وراء جيحون إلا قليلا (٢).

وفي هذه السنة قتلت الإسماعيلية أميرا كبيرا من أمراء جلال الدين، وكان رجلا خيرا حسن التدبير، وجميل السيرة، بعيدا من الشر، فسار جلال الدين في عساكره إلى بلادهم وخربها من بلاد ألموت (٣) إلى بلاد كردكوه بخراسان وقتل أهلها وانتقم منهم، لأنهم كانوا قد طمعوا مذ خرج التتار إلى بلاد الإسلام. وقال أبو الفتح المنشيء: لما عاد السلطان جلال الدين من الهند أقطع أميرًا من أمرائه يقال له أورخان ما كان بقي من أرماق نيسابور وأعمالها، وكان نائبه بها يتعرض إلى مايتاخمها من بلاد الإسماعيلية مثل: تون (٤)، وقاين (٥)، وقهستان (٦)، بالنهب والقتل، فورد شخص منهم يلقب بالكمال رسولا على جلال الدين، وكان جلال الدين إذ ذاك بخوي يشكو من نواب أورخان، فأمر جلال الدين وزيره شرف الملك أن ينظر في أمره، فلما سمع أورخان كلام الكمال جذب من حياصته عدة سكاكين، ورماها بين يدي الرسول، وقال: هذه سكاكيننا ولنا من


(١) "فنكس" كذا في الأصل، والمثبت من سيرة منكبرتي، ص ٢٣٨، لاستقامة المعني.
(٢) وردت هذه الأحداث بتصرف في سيرة منكبوتي، ص ٢٣٧ - ص ٢٤٨.
(٣) الموت: أهم وأمنع حصون الإسماعيلية في فارس. انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٢٤، حاشية (٤).
(٤) تون: مدينة في نواحي قهستان قرب قاين. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٦٠٠.
(٥) قاين: بلد بين نيسابور وأصفهان. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٢.
(٦) قهستان: جبال بين هراة ونيسابور. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>