للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيوف ما هو أمضى، وليس لكم منها شئ، فعاد الرسول بهذا الجواب، فلما عاد السلطان جلال الدين إلى كنجة وثب بأورخان ثلاثة من الفداوية (١) فقتلوه بظاهرها، ودخلوا المدينة والسكاكين بأيديهم، ينادون بشعار علاء الدين (٢) فوصلوا باب شرف الملك، ودخلوا دار الديوان، فلم يجدوا شرف الملك بها، وكان عند جلال فجرحوا فراشًا له، وخرجوا ينادون بشعارهم، فرجمتهم العوام إلى أن أهلكوهم. وكان قد وصل رسول من الموت من عند الإسماعيلية يسمى بدر الدين أحمد إلى بيلقان قاصدًا باب جلال الدين، فلما جرى الأمر المذكور تحير في أمره، فأرسل كتابا إلى الوزير شرف الملك يستشيره في أمره، فأذن له بالقدوم خوفا من طلب الفداوية إياه، ويعملون معه مثل ماعملوا بأورخان، فورد عليه فأكرمه واهتم بقضاء أشغاله، وكان مضمون رسالته إزالة التعرض عن بلادهم، وكانوا قد استولوا على دامغان في أيام التتار حين خلت عمن يحميها، وجلال الدين كان يطالبهم بتسليمها، واجتهد الوزير شرف الملك على استمرارها بأيديهم، على أن يحملوا إلى خزانة السلطان كل سنة ثلاثين ألف دينار، وكتب لهم بذلك توقيعا، ثم لما سار جلال الدين إلى ناحية أذربيجان والرسول المذكور في صحبة الوزير، يحضر كل يوم مجلسه وسماطه، فلما وصلوا إلى مرج سراة (٣) ذكر الرسول في بعض مجالس الشرب حين أخذت الكؤوس مأخذها أن لنا في عسكركم هذا جماعة من الفدائية، وقد تمكنوا فصاروا كالواحد من غلمانكم، فمنهم من خدم في اصطبلك، ومنهم من خدم عند مقدم الجاوشية (٤) للسلطان، فألح شرف الملك الوزير على أن يحضرهم ليبصرهم، وأعطاه منديله علامة الأمان، فأحضر خمسة من الفداوية، وكان الواحد منهم هنديا، شرع يقول لشرف الملك: كنت أقدر يوم كذا في منزل كذا


(١) الفداوية: وهم الفدائية، وكانت طبقة الفدائيين أهم طبقات المجتمع الإسماعيلي في فارس، إذا كانت الأداة التي يعتمد عليها دعاتهم في القضاء على أعدائهم. وقد مهر الفدائيون في فن التخفي واستعمال السلاح، وإتقان اللغات الأجنبية، وكانوا يقتلون المسلمين ايام الجمع في المساجد، كما كانوا يقتلون المسيحيين في الكنائس علنا.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٢٩، حاشية (٢).
(٢) المقصود علاء الدين محمد الثالث بن حسن الثالث، داعي دعاة الإسماعيلية في فارس: ٦١٨/ ٦٥٣ هـ =١٢٢١/ ١٢٥٥ م.
انظر: سيرة منكبرتي، ٢٢٩، حاشية (١).
(٣) مرج سراة: وصحتها سرار، وهي إحدى مدن أذربيجان وتقع على مسيرة ثلاثة أيام من مدينة أردبيل في اتجاه تبريز.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٦٤ - ص ٦٥.
(٤) الجاوشية: ومفردها الجاويش أو الجاووش، ويقال له أيضا الشاويش، وهي لفظ تركي - وكان الجاويشية في نظام دولة المماليك بمصر أربعة من جند الحلقة، ووظيفتهم السير أمام السلطان أو النائب في مواكبه للنداء وتنبيه المارة.
انظر: القلقشندي: صبح الأعشي، ج ٤، ص ٤٧، ٤٨، ص ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>