للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني في سيرته: كان شجاعا مقداما، كثير الحياء، متواضعا، مليح الصورة، ضحوكا، غيورا، جوادًا، حسن العشرة، محافظا على الصحبة والمودة (١).

وفي المرآة (٢): وكان بالبلقاء رجل من بني مهدي يقال له: نصار يُشْعِر على عادة العرب. مدح المعظم بقصيدة يقول فيها:

حمى من أوهام الزمان علامة … عزيز إذا ما الدهر كرّجفاه

فكان يتعجب من قوله كرجفاه، وكان قد توجه إلى أخيه الكامل في سنة سبع أو تسع وستمائة، والكامل في الإسكندرية فركب فرسًا واحدًا ووصل من دمشق إلى الإسكندرية في ثمانية أيام، فخرج الكامل فالتقاه وترجلا واعتنقا، وكان البهاء بن التبني على دار الزكاة فقدم البدر بن المسحف الشاعر من الشرق ومعه قماش كثير، فعسفه ابن التّبني، فكتب أبن المسحف إلى المعظم هذه الأبيات:

أيا ملكا أباد عداه قهرا … وأحيي كل منقبة وفضل

ومن هو المسيح اسما وفعلا … ونصبا للحياة وجزم فعل

يكلفني البهاء زكاة مال … حرام كله من غير حل

وكيف يجود بالزكوات من لا … يحج ولا يصوم ولايصلي

فجد بهبات مالكم فإني … أجل زكاتكم عن مال مثلى

فكتب المعظم على رأسها: يؤخذ منه العشر.

وفي المرأة (٣): وإذا خرج إلى الغزاة لاينام إلا على حل الطرح، وزرديته (٤) مخدته، ولا يقطع الاشتغال بالقرآن (٥) والجامع الكبير، وسيبويه، وكان دائما يركب، فإذا نزل مد السماط، فإذا أكل السماط الناس قضى الحوائج إلى الظهر، وكان في أيام الفتح مع الفرنج يرتب النيران على الجبال من باب نابلس إلى عكا، وعلى عكا جبل قريب منها يقال له: الكَرْمَل، وكان عليه المنورون، وبينهم وبين الجواسيس علامات، وكان له


(١) ورد هذه الخبر في نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٤٤؛ مراة الزمان، ج ٨، ص ٤٢٥.
(٢) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٢٥.
(٣) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٢٦.
(٤) الزردية: هي قميص من الورد يقوى برقائق من المعدن تتداخل أطرافه بعضها فوق بعض.
انظر: ماير، الملابس المملوكية، ص ٦٨.
(٥) [القراءة] كذا في الأصل، والمثبت من سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٢٦ حيث ينقل عنه العيني.
وانظر: نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>