للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الفتح المنشئ، محمد بن أحمد النسائي: وكان في جملة الخانات الستة شخص يسمي دوشي خان، وكان متزوجا بعمة جنكيزخان، وهم سكان البراري ومنشأهم موضع يسمى أرغون (١)، وهم مشهورون بين التتار بالشر والغدر، واتفق أن دوشي خان مات وقد حضر جنكيز خان (٢) معزيا لعمته، وزائرا لها، وكان متاخم أعمال دوشي خان خانان أحدهما يسمي كشلوخان، والآخر يسمى دلان خان، فأرسلت عمة جنكيز خان إليهما تنعي زوجها دوشي خان، وأنه مات ولم يخلف ولدا، وأن ابن أخيها (٣) جنكيزخان يقوم مقامه ويحذو حذوه في معاضدتهما واتباع إرادتهما، فاستصوبا رأيها فيما رأت، وأشارا عليها بتقليد الأمر إلى جنكيزخان، فعند ذلك قام جنكيزخان مقام المتوفي، وكل ذلك كان وخانهم الكبير الذي يرجع إليه في الأمور كان غائبا في مشتاه واسمه ألطون خان، فلما عاد ألطون خان من مشتاه إلى مدينته طمعاج سأل (٤) حجابه ونوابه عن القضايا التي حدثت في زمن غيبته، فأخبروه بخبر جنكيزخان وقيامه مقام زوج عمته دوشي خان، بموافقة الخانين المذكورين، فغضب من ذلك ألطون خان حيث تولي جنكيز خان موضع دوشي خان بغير أمره، وبغير مراجعته (٥)، وغضب على الخانين المذكورين أيضا، ثم في عقب ذلك جاءت مقدمة جنكيزخان إلى ألطون خان، فازداد غضبا، وأمر بقطع أذناب الخيل التي أرسلها جنكيزخان، وردها إليه، مع السب والشتيمة، ولمن أتى بها ولمرسلها وللخانين المذكورين، فعند ذلك اتفق جنكيزخان مع الخانين المذكورين، وخرجوا على ألطون خان، ونزعوا أيديهم عن طاعته (٦).

ولما بلغ ذلك ألطون خان أرسل إليهم في استردادهم إلى الطاعة ولاطفهم، فلم يزدهم ذلك إلا نفورا، فلما أيس منهم جمع عسكره وسار إليهم، فالتقى هو وإياهم، فكسروه أقبح كسرة، وقتلوا من عسكره مقتلة عظيمة، وهرب ألطون خان بنفسه، وببعض


(١) أرغون: مكان يقع بين الجبال الواقعة في جنوب بحيرة بيكال.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٩، حاشية (٥).
(٢) "جنكاز خان" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه من سيرة منكبرتي، ص ٤٠؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٧.
(٣) "أخيه" كذا في الأصل، والتصحيح من سيرة منكبرتي، ص ٤٠.
(٤) "سأل عن حجابه" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه لاستقامة المعنى.
(٥) مراجعته إليه" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه لاستقامة المعني.
(٦) وردت هذه الأحداث في سيرة منكبرتي، ص ٣٨ - ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>