للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لصديقي صديقا، ولعدوى عدوا، فأنت الحالف الحانث، ولم يبق لك في ذمتي يمين، وأنا مع ذلك لا أفعل إلا الشرع. فحاكم أخاه إلى القاضي، فإن شاء اقتص، وإن شاء عفا، فعظم ذلك عليه، وحسن عنده الهروب، وصار خائفا مرعوبا، إلى أن اتفق لقاء السلطان التتار بظاهر أصفهان، فاغتنم الفرصة وهرب إلى خوزستان، وأرسل إلى الخليفة المستنصر بالله بأنه قد فارق أخاه، وجاور الممالك الديوانية، فأعيد رسوله بواعد جميل، وثلاثين ألف دينار أنعاما، وخِلَع، ثم إن غياث الدين تسحَّب إلى ألموت لما بلغه أن التتار انهزموا، وأن أخاه جلال الدين قد ظهر عليهم، وأقام بها إلى أن وصل جلال الدين إلى الرى، متبعا آثار التتار، وفرق عساكره، فأحاطت بتخوم ألموت من الرى إلى زنجان (١)، فصار غياث الدين بها كالمخنوق سدت عليه المنافس. ثم ورد رسول علاء الدين صاحب الموت (٢) إلى جلال الدين يلتمس منه الصلح لأخيه، وأن يعود إلى الخدمة فأجابه إلى ما سأله من الأمان، وأكد قواعده بالأيمان، وأصحب رسول علاء الدين بتاج الملك الخوارزمي (٣) وشرف الملك يستردان غياث الدين، وشكر لعلاء الدين فعله، فندم غياث الدين على ما نواه من العود، ورأى أن هروبه أصلح، فاقترح على علاء الدين إعانته على ما يحمله من الخيل، فأعانه بذلك وخرج، وكادت طائفة من العساكر الجلالية تمسكه، لولا أن جهان بهلوان ردهم عنه، وكسرهم، فنجا إلى كرمان، وبها الحاجب (٤) براق نائبه، فسار إليه طمعا في وفائه، فلم يلق منه إلا الغدر الفظيع والمكر


(١) زنجان: ويقال لها زنكان، بلد كبير مشهور من نواحي الجبال بين أذربيجان وهي قريبة من أبهر وقزوين.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ٩٤٨.
(٢) ألموت: قلعة بالطالقان بناها السلطان ملكشاه السلجوقي.
انظر: صبح الأعشي، ج ١٣، ص ٢٤٤.
(٣) تاج الملك نجيب الذين يعقوب الخوارزمي: هو مشرف المماليك حيث كانت قصور الخوارزميين مليئة بالأعداد الكبيرة من المماليك الذين اشتروهم من أسواق النخاسة، وكان يقوم بالإشراف عليهم رجل سمي بمشرف المماليك، يتولى النظر في كل ما يتعلق بهم، فينظر في مشاكلهم ويتولى الحكم فيهم.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٤٣، حاشية (١).
(٤) الحاجب براق: كان براق الحاجب قائدا من قواد دولة الخطا الذين دخلوا في خدمة علاء الدين محمد خوارزم شاه، وقد اتخذ من الفوضى التي أعقبت غزو جنكيزخان فرصة لتأسيس دولة له في كرمان سنة ٦١٩ هـ (١٢٢١ م)، واستطاع إلى حين أن يسيطر على الأقاليم الغربية من الدولة الخوارزمية.
انظر: سيرة منكبرتي، ص ٧٢، حاشية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>