للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلال الدين خوارزم شاه، فأخذ العرب منهم مائة فارس، وقتلوا مائة فارس، ولم يتقدموا إلينا، ونزلوا ونزلنا وبيننا وبينهم جبل، وإلى جانبه وادي، وخفنا خوفا شديدا، وليس معنا زاد ولا ماء، ولا علف لدوابنا، وقال الأشرف: ما نحشر إلا من تحت حوافر خيولنا. أين المفر؟ فلما كان وقت السحر قبيل طلوع الفجر أمر جلال الدين لمن بقي من عسكر أرزنجان، وكانوا خمسمائة فضرب رقابهم، فلما كان بكرة السبت الثامن والعشرين من رمضان قطعوا إلينا الوادي، ووقف جلال الدين على رأس الجبل وسنجقه في الوادي، ووقع القتال، وأرسل الله تعالى ضبابا فلم ير أحد كفه، ونصرنا الله عليهم، فانكسروا، ووقع معظمهم في الجبال والأودية، وقاتل الروم قتالا شديدا، وكان من وقع من رأس الجبل إلى الوادي أكثر، فأصبحوا بين قتيل وأسير، وغنم الناس أموالهم وخيلهم وسلاحهم، وامتلأت الجبال والأودية بنتنهم، وشبعت الطيور والوحوش من دمائهم ولحومهم.

وفي تاريخ بيبرس: لما سمع جلال الدين بعساكر الملك الأشرف مع عساكر الروم أتوا لقتاله، سار مجدا لقتالهم، فوصل إليهم فلقيهم بناحية أرزنجان، واصطفت العساكر للقتال، ولما التقوا ووقع القتال، لم يثبت جلال الدين وولي منهزما، وتفرق عسكره وتمزقوا، وهلك منهم خلق عظيم، قتلا وترديا من رؤوس جبال كانت في طريقهم، واسترجع الملك الأشرف خلاط، وقد صارت خرابا يبابا (١)، وسار جلال الدين نحو أذربيجان (٢).

وأسر ألغ خان وأطلس ملك، وعدة من المفاردة، فأمر علاء الدين كيقباذ بضرب رقابهم، وأسر صاحب أرزن الروم بعد أن كانوا قد أحاطوا به، فقاتل أشد قتال وقتل، ولما وصل جلال الدين إلى سكماناباذ وخلف شرف الملك ومن كان معه من العراقيين هناك برسم اليزك، ليكونوا حجابا دونه، وأقام بخوي، وأما وجوه الترك والخانات فلم يعرج واحد منهم على آخر، ولا على السلطان، وكانوا يخففون بكل مرحلة ما أثقلهم إلى أن وصلو (٣) مُوقَان (٤).


(١) يبابًا: خرابا - انظر: القاموس المحيط، مادة "بَابَ".
(٢) وردت هذه الأحداث بتصرف في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٩٩؛ المختصر، ج ٣، ص ١٤٦.
(٣) انظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٣١ - ص ٣٣٣.
(٤) مُوقان: ولاية بأذربيجان، فيها قرى ومروج كثيرة، يحتلها التركمان للرعي.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٦٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>