للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ (١) ابن كثير: لما انهزم جلال الدين، وهلك من عسكره خلق كثير، دقت البشائر في البلاد، فرحا بنصرة الملك الأشرف على الخوارزمية، فإنهم كانوا لا يفتحون بلدا إلا قتلوا من فيه، ونهبوا أموالهم، فكسرهم الله عز وجل، وقد كان الأشرف رأى النبي (- صلى الله عليه وسلم -) في المنام قبل الوقعة، وهو يقول له: يا موسى أنت منصور عليهم.

وفي تاريخ بيبرس: ولما علم الأشرف أن شرف الملك وزير جلال الدين بسكماناباذ فاتحه بالمراسلة والملاطفة، وقال: إن السلطان جلال الدين سلطان الإسلام والمسلمين وسيدهم، والحجاب دونهم ودون التتار، وغير خاف علينا ما تم على الإسلام والمسلمين بموت والده (٢)، ونحن نعلم أن ضعفه ضعف الإسلام، وضرره عائد على كافة الأنام، فهلا ترغبه في جمع الكلمة، فإنه أهدى سبيلا، وأقوم قيلا، ولم لا تدعوه إلى الألفة التي هي أحمد في البدو والعقبي، وأنا ضامن للسلطان من جهة علاء الدين كيقباذ، وأخى الملك الكامل ما يرضيه من الإسعاد، وإصفاء النيات على حالتي القرب والبعاد، والقيام بما يزيل عارض الوحشة، ويمحوا سمة الفرقة، وأمثال ذلك من الملاطفة. فأدى شرف الدين إلى جلال الدين الرسالة، فركن إليها وتم الصلح، وحلف للملك الأشرف، ولم يحلف لعلاء الدين كيقباذ، ولما تواترت الأخبار بورود التتار إلى العراق، حلف لصاحب الروم أيضا بكف الأذى عن بلاده، ولم يحلف عن سرماري (٣) بحكم أنها بقرب بلاد أذربيجان، وكان صاحبها راسل الملك الأشرف يسأله التلطف مع جلال الدين في أمرها، فأرسل الأشرف إليه رسولا في معناها، فأجاب السلطان إلى النزول عنها، على أن يكتب بها توقيعا (٤) للملك الأشرف، وقبل الرسول الأشرفي الأرض بين يدي السلطان، شكرا على ذلك (٥).

وقال أبو الفتح المنشئ في كتابه الذي صنعه في سيرة جلال الدين، باسطا هذه القضية بعبارات طويلة، أكثرها لا يحتاج إليه، فنحن سقنا كلامه ملخصا لأجل بعض


(١) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٧.
(٢) علاء الدين محمد خوارزم شاه. انظر: سيرة منكبرتي، ص ٣٣٤.
(٣) سُرْماري: قلعة عظيمة وولاية واسعة بين تفليس وخلاط، وهي قرية بينها وبين بخارا ثلاثة فراسخ.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٢.
(٤) التوقيع، كذا في الأصل، والصحيح لغة ما أثبتناه.
(٥) وردت هذه الأحداث في سيرة منكبرتي، ص ٣٣٣ - ص ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>