للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك على نهر جيحون، فيكون لك ما دونه ويكون له ما وراءه، فإن كنت تعلم أنك تقاومه فانهض إليه وقاتله، فتظفر بما أردت، وإلا فاغتنم المسالمة، فتشاغل جلال الدين بالحصار، ولم يعد إليها جوابا (١).

ومنها أنه قدم إليه ركن الدين جهان شاه بن طغرل صاحب أرزن الروم، وكان يخطب للملك الأشرف، وكان يعادي ابن عمه السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو صاحب الروم، وكانت له ذنوب عند جلال الدين، منها أنه كان يمنع وصول التجار إلى معسكره، ومنها أنه قتل رسوله السديد عائدا من الروم، وغير ذلك. فلما رأى أنه أشرف على أخذ خلاط ساءل منه الأمان برسول أرسل إليه، وهو شمس الدين الحكيم البغدادي، وكان ذا ظرافة وأدب، فأمر جلال الدين وزيره (٢) شرف الملك بملاقاته مسيرة يوم في أصحاب الديوان، ثم التقاه الخانات يوم وصوله إلى خلاط على مراتبهم، وكان اجتماع الوزير به عند بحيرة (٣) ناووك، وهي بين خلاط ومنازجرد، وجمعهما الشرب تلك الليلة، فقدم للوزير أشياء تنيف على عشرة آلاف دينار، ثم أنه لما قرب وقف له جلال الدين على رأس الميدان تحت الجِتْر (٤)، فلما رأى السلطان نزل، وقبل الأرض، وتخطى عدة خطوات، ثم جاء إليه الحاجب الخاص بدر الدين طوطق بن أينانج خان، وأمره عن السلطان بالركوب، فركب وسار في خدمة السلطان إلى أن نزل السلطان، فعانقه، وقبَّل جهان شاه يده، وأشار إليه السلطان بالوقوف على يمينه تحت الجتر، فوقف، وفي تلك الساعة تساقطت دعائم الجتر، فتطير الناس بذلك، وكان اجتماعهما سبب هلاكهما على ما يجئ بيانه إن شاء الله، ثم خلع جلال الدين عليه وعلى أصحابه مائتي خلعه، وأقام عنده أياما، ثم أذن له أن يعود إلى بلاده، ويسير إليه ما يقدر عليه من آلات الحصار، فسير منجنيقا كبيرا يسمى (٥) قرابُغا (٦).


(١) وردت هذه الأحداث بالتفصيل في سيرة منكبرتي، ص ٣٠٠ - ٣٠١.
(٢) الوزير شرف الملك جهانشاه. سيرة منكبرتي، ص ٣٠٢.
(٣) "بحيرة نازوك" كذا ورد اسم البحيرة في مسيرة منكبرتي، ص ٣٠٢.
(٤) الجتْز: المظلة، وقد كانت في أيام الفاطميين والأيوبيين والمماليك في مصر من شعار السلطنة، وهي عبارة عن قبة من الحرير الأصفر المزركش بالذهب في اعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب تحمل على رأس السلطان في العيدين. انظر: سيرة منكبرتي، ص ٥٤، حاشية (٥).
(٥) "قرابغرا" ورد هذا الاسم هكذا في سيرة منكبرتي، ص ٣٠٣.
(٦) وردت هذه الأحداث بالتفصيل في سيرة منكبرتي، ص ٣٠١ - ص ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>