للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يامولاي أن السلطان قد أمرني أن أسير في خدمتك إلى مصر، وأنا أعلم أن المفسدين كثير، ولا يخلو غدًا ممن يقول عني ما لا يجوز ويخوفك مني، فإن كان لك عزم تسمع فقل لي حتى لا أجيء، فقال: لا أسمع. وكيف يكون ذلك؟ ثم التفتُ وقلتُ للملك الظاهر: أنا لا أعرف أن أخاك ربما يسمع (١) فيَّ أقوال المفسدين، وأنا فمالي إلا أنت، وقد قنعت منك بمنبج متى ضاق صدري من جانبه. فقال: مبارك، وذكر كل خير.

وذكر في النوادر أيضًا: أن الملك الظاهر سار إلى حلب حتى أتى العين المباركة، وسيَّر في خدمته شحنةً حسام الدين بشارة، وواليًا عيسى بن بلاشوا (٢)، فنزل في يوم الجمعة بعين المباركة، وخرج الناس إلى لقائه في بكرة السبت تاسع جمادى الآخرة من هذه السنة، وصعد القلعة المحروسة صحوة النهار، وفرح الناس به فرحًا شديدًا (٣).

وأما تقي الدين، فإنه لما وصل سار السلطان إلى لقائه، فلقيه بمرج الصُفَّر في ثالث عشرى (٤) شعبان من هذه السنة، وأعطاه حماة، وسار إليها، وكان قد عُقد بين الملك الظاهر وبعض بنات الملك العادل عقد نكاح فتمم ذلك ودخل بها يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر رمضان. ودخل الملك الأفضل على زوجته بنت ناصر الدين بن أسد الدين في شوال من هذه السنة.

وفيها حضر القمص (٥) صاحب طرابلس إلى الملك الناصر صلاح الدين واتفق معه أن يفتح له جميع الساحل، وأطلق له الملك الناصر جميع الأسرى الذين كانوا عنده، وجرّد معه عسكرًا إلى الساحل، وفتح الطريق [٢٩] من مصر إلى الشام وسار فيها التجار. ثم إن القمص المذكور نافق وأخذ قافلة من التجار ودخل بلاد الإفرنج، فحلف الملك الناصر لئن ظفر به ليقتلنّه بيده. وكان ذلك سبب فتوح الساحل (٦).


(١) "سمع" كذا في الأصل. والمثبت عن النوادر السلطانية، ص ٧٣ حيث ينقل عنه العيني.
(٢) "بلاشو" كذا في الأصل، والمثبت من النوادر السلطانية، ص ٧٣ حيث ينقل العينى عنه؛ كذا في زبدة الحلب، ج ٣، ص ٨٩؛ أما ابن واصل: مفرج الكروب، ج ٢، ص ١٧٩ فقد ذكره "بلاشق".
(٣) إلى هنا توقف العينى عن النقل من النوادر السلطانية، ص ٧٢ - ص ٧٣.
(٤) "الثلاث عشرة" في النوادر السلطانية، ص ٧٤؛ واتفق مع العينى أبو شامة: الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٣٢؛ ابن واصل: مفرج الكروب، ج ٢، ص ١٨٢.
(٥) القمص: يقصد به: ريموند بن ريمند الصنجيلي. انظر: الكامل، ج ١٠، ص ١٤١.
(٦) ورد هذا النص بالتفصيل في الكامل، ج ١٠، ص ١٤١ - ص ١٤٢؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>