للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُفاض عليهن وعلى المنشدين من الرجال. وتعدى الأمر إلى سبّ الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم. وكان أهل الكرخ يصيحون ما بقي كتمان، وأقاموا امرأة يقال لها آمنة (١) من أهل الكرخ وكان ظهير الدين بن العطار قد كبس دار أبيها فأخرج منها كُتبًا في سب الصحابة، فقطع يديه ورجليه، ورجمه العوام حتى قتلوه. فقامت هذه المرأة على دكة تحت منظرة الخليفة في الريحانيين، وحولها ألوف من الرجال والنساء وهي تنشد أشعار العوني وغيرها، وتسب عائشة وتقول: العنوا راكبة الجمل، وتذكر حديث الإفك والنبي -عليه السلام- بأقبح الشناعات (٢)، وكان كل ذلك منسوبًا إلى أستاذ الدار ابن الصاحب [٢٧] (٣).

وفيها: حكم المنجمون في الآفاق بخراب العالم في جمادى الآخرة، وقالوا [تقترن] (٤) الكواكب السيارة الشمس والقمر وزحل والمريخ والزهرة وعطارد والمشتري في برج الميزان أو السرطان، وتؤثر تأثيرًا يضمحل به العالم، وتهب سموم محرقة تحمل رملًا أحمر. فاستعد الناس وحفروا السراديب وجمعوا فيها الزاد. وقد انقضت المدة ولم يحدث شيء، وظهر كذب المنجمين (٥).

وقال العماد الكاتب: وكان المنجمون في جميع البلاد حكموا بخراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب السبعة في الميزان بطوفان الريح في سائر البلاد، وذكر أن ناسًا من الجهلة تأهبوا لذلك بحفر مغارات وأسراب في الأرض خوفًا من ذلك.

قال العماد (٦): فلما كانت تلك الليلة التي أشاروا إليها وأجمعوا عليها، لم تر ليلة مثلها في ركودها وهدِّوها. وقد نظم الشعراء في تكذيب المنجمين في هذه الوقعة وغيرها أشعارًا حسنة؛ من ذلك قول عيسى بن مودود (٧):


(١) "ابنة قرابا" كذا في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٤٧.
(٢) ورد هذا النص بتصرف في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٤٩ - ص ٢٤٧.
(٣) استاذ الدار ابن الصاحب: هو مجد الدين أبو الفضل هبة الله بن على بن هبة الله بن محمد بن الحسن المعروف بابن الصاحب، قتل سنة ٥٨٣ هـ. انظر: وفيات الأعيان، ج ٦، ص ٢٤٥.
(٤) "يقترن" في الأصل، والمثبت هو الصحيح، وهو كما في الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٣٦.
(٥) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ١٤٢؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٠؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٤٧؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٣٦ - ص ٢٣٧.
(٦) ورد هذا الحدث بتصرف في الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٣٩ نقلًا عن العماد؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٠ - ص ٣٤١.
(٧) هو: عيسى بن مودود بن علي بن عبد الملك بن شعيب، الملقب فخر الدين صاحب تكريت. انظر: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٤٩٨ - ص ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>