للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي معروفة به، والحديثي: نسبة إلى حديثة الموصل، وهي بليدة على دجلة بالجانب الشرقي قرب الزاب الأعلى، وهي غير الحديثة التي في الفرات التي يقال لها حديثة النوُّرة، وهي قلعة حصينة على فراسخ من الأنبار في وسط الفرات، والماء محيط بها.

الفقيه (١) ضياء الدين عيسى الهكاري، من أصحاب أسد الدين شيركوه، دخل معه إلى مصر وحظي عنده، ثم كان ملازمًا للسلطان صلاح الدين يوسف حتى توفي في ركابه، وكان ممن تفقه على الشيخ أبي القاسم البرزي الجذري. وكان الفقيه عيسى من الفضلاء النبلاء والأمراء الكبراء. وقال العماد (٢): توفي الفقيه عيسى بمنزلة الخروبة، سحرة يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائه، وحمل من يومه إلى القدس، فدفن به، وكان من الأعيان ومن مقربي السلطان. وفي المرآة (٣): وكان لقبه ضياء الدين وحضر فتوح القدس والغزوات وكان صلاح الدين يحبه ويحسن الظن به ويستشيره، وكان الله قد أقامه لقضاء حوائج الناس ويفرج عن المكروبين مع الورع والعفة.

المبارك بن المبارك بن المبارك -ثلاث مرات- أبو طالب الكرجي (٤) بالجيم صاحب الفقيه أبي الحسن بن الخلّ، قرأ القرآن وسمع الحديث وتفقه على شيخه ابن الخل، وكتب فأحسن وخلف أبي الحسن ابن البواب، وكان يُعلم أولاد الخليفة الخط -محمدًا ولى العهد، وعليًا- وخلف شيخه أبا الحسن ابن الخلّ في مدرسته بباب العامة التي بناها كمال الدين أبي طلحة، وأضيف إليه تدريس النظامية، وولي رباط الأخلاطية، وبنى له إلى جانبه دار فسكنها، وكان زاهدا عابدا ورعا، وكان الخليفة يدين له ويحسن الظن به، وكان يؤم برباط الأخلاطية، خرج من داره في ذي القعدة، فدخل الرباط ليصلى بهم العصر، فلما وقف في المحراب عرضت له سُعلة فتغير فحمل إلى داره، فتوفي وله نيف وثمانون سنة، وحضر جنازته جميع أرباب الدولة ولم يتخلف سوى الخليفة، وجاء الخليفة في آخر النهار فصلى عليه.


(١) انظر ترجمته في الكامل، جـ ١٠، ص ١٩٠؛ الفتح القسى، ص ٣٥٥؛ النوادر، ص ١١٦؛ وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٤٩٧ - ٤٩٨.
(٢) الفتح القسي، ص ٣٥٥.
(٣) هذه السنة ساقطة من مرآة الزمان، جـ ٨.
(٤) "الكَرْخي" في الكامل، جـ ١٠، ص ١٩٠؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ٣٥٦؛ العبر، جـ ٤، ص ٢٥٧؛ النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>