للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك اليوم طُلب الموصل ومقدمه علاء الدين، وشكره السلطان على ذلك. وتفقد الناس بعضهم بعضا، فَوُجد وقد استشهد جماعة من العسكر عرف منهم: أمير شكار مُوَسّك، وكان رجلًا شجاعًا معروفًا، وقايماز العادلي وكان مذكورًا، وأبغوش وكان شجاعًا، أسف السلطان عليه. وجرح خلق كثير وخيول كثيرة، وقتل من العدو جماعة وأسر واحد فَأُحِضر، فأمر السلطان بضرب عنقه، وأخذت منهم خيول أربعة، ثم أمر السلطان أن يتقدم الثقل إلى العوجاء (١)، وكان الإفرنج نزلوا على قبلي أرسوف، ونزل الثقل قاطع النهر المعروف بالعوجاء في منزلة خضرة على جانب النهر.

ووصل السلطان في آخر النهار، وازدحم الناس على القنطرة، ونزل السلطان على تل مشرف على النهر ولم يعبر الخيمة، وأقام السلطان إلى سحرة ليلة الأحد الخامس عشر من شعبان من هذه السنة، ثم دَقّ الكوس وركب، وركب الناس، وسار راجعًا إلى جهة العدو حتى وصل إلى أرسوف، وصَفّ الأطلاب للقتال رجاء خروج الإفرنج ومسيرهم حتى يصاد مهم، فلم يرحل الملاعين في ذلك اليوم لما نالهم من التعب والجراحات، فأقام السلطان قبالتهم إلى آخر النهار، ثم عاد إلى منزلته التي بات بها، فبات بها ليلة الاثنين السادس عشر.

ولما كان يوم الاثنين دَقّ الكوس وركب، وركبت الناس، وسار نحوهم. وبلغ إليه خبرهم أنهم رحلوا طالبين جهة يافا، وسار حتى قاربهم جدًا، ورتب الأطلاب ترتيب القتال، وأخرج الجاليش، وأحدق العسكر الإسلامي بالقوم، وألقوا عليهم من النشاب ما كاد أن يسد الأفق، وقاتلوهم قتالًا عظيمًا، والملاعين لم يحملوا بل حفظوا نفوسهم وساروا مصطفين على عادتهم حتى أتوا نهر العوجاء، وهو النهر الذي كان منزل المسلمين أعلاه، فنزلوا في أسفله، وعبر بعضهم النهر، وأقام الباقون من الجانب الشرقي.

وعاد السلطان أيضًا إلى الثقل، ونزل في خيمته وأكل الطعام، ثم أتي بأربعة من الإفرنج وقد أخذتهم العرب، ومعهم امرأة، [فدفعوا] (٢) إلى الزردخاناه، وأقام السلطان


(١) العوجاء: نهر بين أرسوف والرملة من أرض فلسطين من السواحل. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ١٦٧، (ط. دار صادر - بيروت).
(٢) "فرفعوا" كذا في الأصل. والمثبت بين الحاصرتين من النوادر السلطانية، ص ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>