للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبات ليلته. ولما كانت صبيحة يوم الثلاثاء [الثامن] (١) من شوال رتب الأطلاب للقتال، وسلّم اليزك للملك العادل، وتبعه مَنْ يُريد الغزاة، وكان وصل جماعة من الروم يريدون الغزاة فخرجوا في جملة من خرج، فلما وصلوا إلى خيام الإفرنج هجم عليهم المماليك السلطانية (٢)، ورموا عليهم النشاب، وقامت الإفرنج وركبوا وصاحوا صيحة الرجل الواحد، وحملوا في جمع كثير، [فنجا] (٣) من سبق به جواده، وظفروا بجماعة قتلوا منهم ثلاثة نفر على ما قيل، ونقلوا خيامهم إلى يازور (٤)، وأقام السلطان بلقاء منازلهم إلى الصباح (٥).

ولما كان يوم الجمعة الحادي عشر من شوال، ركب السلطان نحوهم فأشرف عليهم ثم عاد. قال القاضي: ثم استدعاني وجماعة من الأمراء، وأمر الناس بإبعادهم عن الخيمة، فأخرج كتابًا من قبائه وفضّه، ووقف عليه، وبدرت (٦) دموعه وغلبة البكاء والنحيب حتى وافقه الآخرون على ذلك، مِنْ غير علم السبب. ثم ذكر أن الملك المظفر قد توفي إلى رحمة الله، وأمر بكتم ذلك عن الناس؛ لئلا يصل الخبر إلى العدو، وكانت وفاته في تاسع عشر رمضان يوم الجمعة على ما نذكره إن شاء الله (٧).

ومنها أن في يوم السبت الثاني عشر من شوال، وصل من دمشق كتاب من النواب بها، وفي طيِّه كتاب من بغداد من الديوان العزيز النبوى، يتضمن فصولًا ثلاثة: الأول: الإنكار على الملك المظفر في مسيره إلى بكتمر. والثاني: الإنكار على مظفر الدين في مسك حسن بن قفجاق، والأمر بإعادته إلى الكرخاني (٨). والثالث: فيه الأمر بإحضار


(١) ما بين الحاصرتين إضافة للإيضاح.
(٢) المماليك السلطانية: هم مماليك السلاطين السابقين، وفي عصر صلاح الدين كانت المماليك السلطانية تتكون من بقايا المماليك النورية المنسوبة إلى نور الدين محمود، والمماليك الأسدية المنسوبة إلى أسد الدين شيركوه مسلم صلاح الدين. وهؤلاء التفوا حول صلاح الدين وأصبحوا هم والمماليك الصلاحية المنسوبة إلى صلاح الدين الأيوبي - عصب الجيش الأيوبي وقوته الثابتة زمن صلاح الدين. انظر: نظير سعداوي: جيش مصر في أيام صلاح الدين، ص ٢٤ - ٢٦.
(٣) في الأصل "فنجي". والمثبت بين الحاصرتين هو الصحيح.
(٤) بازُور: بليدة بسواحل الرملة من أعمال فلسطين بالشام. انظر: معجم البلدان، ج ٥، ص ٤٢٥، طبعة دار صادر - بيروت.
(٥) نقل العينى هذه الأحداث بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٩٧.
(٦) بدرت: أي سألت. انظر: المعجم الوجيز، ص ٤٠.
(٧) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٩٧ - ١٩٨.
(٨) عن تفاصيل ما حدث بين مظفر الدين والكرخاني، انظر: النوادر السلطانية، ص ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>