للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي الفاضل إليهم (١) ليُقال له أشياء. فأجاب السلطان عن الأول بأنا لم نأمره بذلك. وعن الثاني بأن ابن قفجاق لا يخفى ما تصدى له من الفساد في الأرض. وعن الثالث بأنه (٢) كثير الأمراض وقوته تضعف عن الحركة (٣).

ومنها أن في السادس عشر من شوال أمر السلطان لحلقة بالكمين للعدوّ في بطون أودية هناك، واستصحبوا جمعًا من العرب، فلما استقر الكمين في موضعه ظهرت العرب في مناوشتهم، وكان منهم جماعة تخرج للاحتشاش والاحتطاب فنزل عليهم العرب، ووقع الحرب وقام الصياح، فركب جماعة من خيالة الإفرنج وانهزمت العرب بين أيديهم إلى جهة الكمين، فخرج الكمين ووقع الصياح وانهزموا بين أيديهم نحو خيامهم، ثم ركب منهم خلق عظيم فالتحم القتال، وقتل جمع من الطائفتين، وأُسرت جماعة من العدو وأُخذت منهم خيول كثيرة، وانفصل الحرب قبيل الظهر من نهار الأربعاء السادس عشر من شوال. واستشهد في هذه الوقعة أبان المهراني وكان شجاعًا معروفًا، وجاولي غلام الغيدى، وصرع أياز المعظمي، وجرح عدّة جماعة، وقتل من العدو زهاء ستين نفرة، وأسر فارسان معروفان، واستأمن اثنان بخيولهما وعدتهما.

ومنها أنه وصل في بقية هذا اليوم رسول من عند ملك الإنكتار إلى الملك العادل يعتب عليه من جهة الكمين، وأنه [١٣١] يطلب الاجتماع به فأذن له (٤).

ولما كان يوم الجمعة الثامن عشر من شوال، سار الملك العادل ومعه من الأطعمة والتجملات والتحف مما تحمل من ملك إلى ملك، وجاء إليه ملك الإنكتار في خيمته فأكرمه العادل واحترمه، ووصل معه أيضًا من طعامهم الذين يختصون به، فأتحف به الملك العادل على وجه المطايبة، فتناول منه العادل، وتناول هو وأصحابه من طعام العادل، وقدَّم إليه ما كان حمله معه، وتحادثا معظم ذلك النهار، وتفاصلا عن تواد ومطايبة.


(١) أي إلى الديوان العزيز ببغداد.
(٢) الضمير عائد على القاضي الفاضل.
(٣) نقل العيني تفاصيل رد السلطان على كتاب الخليفة بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٩٨ - ١٩٩.
(٤) نقل العينى هذه الأحداث بتصرف من النوادر السلطانية، ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>