للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أينانج وعسكره بين أَبْهَرْ (١) زنجان (٢) فَكَسره وهزمه، ومضى إلى همذان وجلس على سرير ملكه، وذلك في سنة ثمان وثمانين على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، كان عزيزًا عند عمّه السلطان صلاح الدين، استنابه بمصر وغيرها من البلاد، ثم أقطعه حماة ومُدنًا كثيرة معها حولها، ومن بلاد الجزيرة، وكان مع عمه على عكا، ثم أستأذنه في الإشراف على بلاده المجاورة للفرات، فلما صار إليها اشتغل بها، وامتدت عينه إلى أخذ غيرها من أيدي الملوك الذين يجاورونه فقاتلهم، فاتفق موته وهو على ذلك، والسلطان صلاح الدين متغضب عليه بسبب اشتغاله بذلك عنه.

وقال العماد الكاتب (٣): توفى الملك المظفر تقي الدين عمر يوم الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان، وهو على محاصرة ملازكرد من عمل أرمينية، وكتم ولدُه الملك المنصور ناصر الدين محمد وفاته إلى أن خرج من ذلك الإقليم سالمًا، وبعث إلى السلطان يسأله في إبقاء بلاد أبيه بيده، فلم يجب السلطان إليه.

وقال النويري: قد سار الملك المظفر تقي الدين عمر إلى البلاد المرتجعة من كُوكبُوري، التي زاده إياها عمّه السلطان من وراء الفرات، وهي حرّان وغيرها، فامتدت عين الملك المظفر إلى بلاد مجاورة، واستولى على سويداء (٤) وحاني (٥)، واتقع مع بكتمر صاحب أخلاط، فكسره وحصره في أخلاط، وتملك معظم البلاد ثم رحل عنها، ونزل ملازكرد - وهي لبكتمر - وضايقها، وكان [١٣٩] في صحبته ولده الملك المنصور محمد، فعرض للملك المظفر مرض شديد وتزايد به، حتى توفي يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان، فأخفى الملك المنصور وفاته، ورحل عن ملازكرد، ووصل به إلى حماة، فدفن بها بظاهرها، وبني إلى جانب التربة مدرسة مشهورة هناك.


(١) أبهر: مدينة مشهورة بين قزوين وزنجان وهمذان من نواحي الجبل، والعجم يسمونها أَوْهَر. معجم البلدان، جـ ١، ص ١٠٤ - ١٠٦.
(٢) زَنْجَان: بلد كبير مشهور من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها، وهي قريبة من أَبْهَر وقزوين. والعجم يقولون زنكان. معجم البلدان، جـ ٢، ص ٩٤٨.
(٣) الفتح القسى، ص ٥٦٦.
(٤) سويداء بلدة مشكورة في ديار مضر قرب حران بينها وبين الروم، وأهلها نصارى أرمن في الغالب. معجم البلدان، جـ ٣، ص ١٩٧.
(٥) حاني: مدينة بديار بكر. معجم البلدان، جـ ٢، ص ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>