للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغداد، وفوض أمرها إلى قاضي القضاة ابن البخاري ويوسف العقاب مقدم الفتيان، وجعلها اثني عشر صنفا باسم الأئمة الاثني عشر، ثم سمّاها فقال: العلويات، والحسَنيات، والحُسَينيّات، والمحمديات، والكاظميات، والهاشميّات، والباقرّيات، والصدوديات، والزيديّات، والمهديات، والصادقيات، والعابديات. وأرسلها إلى المشاهد فطارت منها إلى بغداد. (١)

ومنها أن الخليفة نقم على الشيخ أبي الفرج بن الجوزي (٢) وتعضب (٣) عليه ونفاه إلى واسط، فمكث خمسة أيام لم يستطعم بطعام، وأقام بها خمسة أعوام يخدم نفسه ويستقى من بئر عميقة لنفسه الماء. وكان شيخًا كبيرًا قد بلغ الثمانين عامًا وكان يتلو في كل يوم وليلة ختمةً. قال: ولم أقرأ فيها سورة يوسف لوجدي على ولدي يوسف، ثم فرج الله بعد ذلك على ما سنبينه إن شاء الله تعالى. (٤)

وقال سبطه في المرآة: لما قبض ابن يونس تتبع ابن القصاب أصحابه فقال الركن عبد السلام بن عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر: أين أنت وابن الجوزي؟ وهو كان من أكابر أصحاب ابن يونس وأعطاه مدرسة جَدّي وأحرق كتبي بمشورته، وهو ناصبي من أولاد أبي بكر. وكان ابن القصاب متشيعًا فكتب إلى الخليفة، وساعده جماعة من أهل مذهبه ولبسّوا على الخليفة، وأمر بتسليمه إلى عبد السلام.

قال السبط: وكان جَدّى يسكن بباب الأزج بدار بَنفْشا، وكان الزمان صيفا وجدِّي -رحمه الله- جالس في السرداب يكتب وأنا صبي صغير، ما حسينا إلا بعبد السلام وإذا به قد هجم على جدي في السرداب، وأسمعه غليظ الكلام، وختم على كتبه وداره


(١) نقل العيني هذا الخبر من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٠.
(٢) أبو الفرج بن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن على بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وبقية النسب معروف القرشي التيمي البكري البغدادي الفقيه الحنبلي الواعظ الملقب جمال الدين الحافظ كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ وكانت ولادته بطريق التقريب سنة ثمان وقيل عشرة وخمسمائة، وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة ببغداد، ودفن بباب حرب.
انظر: وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ١٤٠: ص ١٤٢.
(٣) تعضب: الغَضبُ القطع والشتم والتناول والضرب والطعن. الفيروز آبادي، القاموس المحيط، جـ ١، ص ١٠٩.
(٤) ورد هذا الخبر بتصرف في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٩؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>