للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصنف كتاب "نصرة الفطرة وعصرة الفطرة في أخبار الدولة السلجوقية" وله ديوان رسائل وديوان شعر في أربع مجلدات، ونفسه في قصائده طويل، له ديوان صغير جمعه دوبيت.

وكان بينه وبين القاضي الفاضل مكاتبات ومحاورات لطاف، فمن ذلك ما يحكى عنه أنه لقيه يومًا وهو راكب على فرس فقال له: سر فلا كب بك الفرس. فقال له الفاضل: دام علا العمادُ. وهذا مما يقرأ مقلوبًا وصحيحًا سواء. واجتمعا يومًا في موكب السلطان وقد انتشر من الغبار لكثرة الفرسان ما سد الفضاء (١)، فتعجبا من ذلك، فأنشده العماد في الحال:

أما الغبار فإنه … بما أثارته السنابك

والجو منه مظلم … لكن أنارته السنابك

يا دهر لي عبد الرحيم … فلست أخشي مسّ نابك

قد اتفق له الجناس في الأبيات الثلاثة، وهو في غاية الحسن، ولم يزل العماد على مكانته ورفعته إلى أن توفي صلاح الدين، فاختلت أحواله وتقطعت أوصاله، ولم يجد في وجهه بابا مفتوحا فلزم بيته، وأقبل على الاشتغال بالتصانيف إلى أن توفي يوم الإثنين مستهل رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية خارج [٢٧١] باب النصر -رحمه الله- وكان مولده يوم الإثنين ثاني جمادى الآخر، وقيل: في شعبان تسع عشرة وخمسمائة بأصفهان. وأَلُهْ: بفتح الهمزة، وضم اللام، وسكون الهاء، اسم عجمي معتاد بالعربي، العقاب وهو الطائر المعروف، وقد قيل: إن العقاب لا يوجد فيه ذكر بل جميعه أنثى، وإن الذي يسافله طائرا آخر من غير جنسه، وقد قيل: إن الثعلب يسافده، وهذا من العجائب، ولابن عنين الشاعر في هجو شخص يقال له ابن سيده:

ما أنت كالعقاب فأمه … معروفة وله أب مجهول

وهذا إشارة إلى ما نحن فيه. (٢)


(١) إلى هنا نقل العيني بتصرف من وفيات الأعيان، ج ٥، ص ١٤٧ - ص ١٥١.
(٢) نقل العينى هذه الترجمة بتصرف من وفيات الأعيان، ج ٥، ص ١٤٧ - ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>