للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكلبة بن عبد الله المستنجدي، كان تركيا زاهدًا عابدًا، سمع المؤذن وقت السحر وهو ينشد على المنارة:

يا رجال الليل جدوا … رب صوت لا يُردَ

ما يقوم الليل إلا من … له عزم وجدُ

فبكي مكلبة وقال للمؤذن: زدني. فقال المؤذن:

قد مضى الليل وولي وحبيبي قد تجلى

وصرخ مُكلبة صرخة كان فيها حتفه، فأصبح أهل البلد قد اجتمعوا على بابه، فالسعيد من وصل إلى نعشه. وكان يوما عظيما لم تر بغداد مثله (١). وفي المرآة: وكان مكلبة خازنًا بدرب دينار الكبير، وكان صالحًا يقوم الليل، ودفن بالوردية. (٢)

أبو منصور بن أبي بكر بن شجاع المزكلش ببغداد: ويعرف بابن نقطة (٣). كان يدور في أسواق بغداد بالنهار ينشد، كان، وكان المواليا، ويُسَحّر الناس في ليالي رمضان، وكان مطبوعًا ظريفًا خليعًا، وكان أخوه الشيخ عبد الغنى الزاهد من أكابر الصالحين، له زاوية ببغداد يزار فيها، وكان له أتباع ومريدون، ولا يدخر شيئًا يحصل له من الفتوح، تصدق في ليلة بألف دينار، وأصحابه صيام لم يدخر لهم شيئًا ولا عشاء، وزوجته أم الخليفة بجارية من خواصّها، وجهزتها بعشرة آلاف دينار، فما جاء الحول وعندهم من شيء بل جميع ذلك يؤثر به ويتصدق به حتى لم يبق عندهم منه شيء سوي هاون، فوقف سائل فلح في الطلب على الباب، فأخرج إليه الهاون، وقال: خذ هذا وكُل به في ثلاثين يومًا ولا تشنع على الله عز وجل. وكان من خيار الصالحين، والمقصود أنه قيل لأخيه أبي منصور هذا: ويحك أنت تدور في الأسواق وتنشد الأشعار وأخوك من قد عرفته. فأنشأ يقول في جواب ذلك بيتين مواليًا:


(١) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٣١.
(٢) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٣٠.
(٣) انظر ترجمته، الجامع المختصر، ج ٩، ص ٦٨؛ الذيل على الروضتين، ص ٢٨؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>