للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقام بعده ابنه المنصور (١)، فقتل أبا يزيد مخلد (٢)، الذي خرج على أبيه؛ ينكر عليه قبيح فعله، وسلخه وصلبه، واشتغل بأهل الجبال يقتلهم ويشردهم؛ خوفًا من أن يثور عليه ثائر مثل أبي يزيد.

وقام بعده ابنه المعز (٣)، فبث دعاته، فكانوا يقولون: "هو المهدي الذي يملك [الأرض] (٤)، وهو الشمس التي تطلع من مغربها". وكان يسره ما ينزل بالمسلمين من المصائب، من أخذ الروم بلادهم. واحتجب عن الناس أيامًا، ثم ظهر، وأوهم أن الله رفعه إليه، وأنه كان غائبًا في السماء، وأخبر الناس بأشياء صدرت منهم، كان ينقلها إليه جواسيس له، فامتلأت قلوب العامة والجهال منه. وهو أول الخلفاء منهم بمصر، وهو الذي تنسب إليه القاهرة، واستدعي بفقيه الشام أبي بكر محمد بن أحمد بن سهل الرملي، ويعرف بابن النابلسي، فحمل إليه في قفص خشب، فأمر بسلخه، فسلخ حيًا، وحشى جلده تبنًا، وصلب (رحمه الله). قال أبو ذر الهروي (٥): سمعت أبا الحسن الدارقطني (٦) يذكره ويبكي، ويقول: كان يقول وهو يُسلخ: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (٧).

وقال صاحب تاريخ الدولتين (٨): وفي أيام الحاكم أمر بكتْب سب الصحابة (رضي الله عنهم) على حيطان الجوامع، والقياسر، والشوارع والطرقات. وكتب السجلات إلى سائر الأعمال بالسب، ثم [أمر] (٩) بقلع ذلك، وأنا رأيته مقلوعًا في بعض أبواب دمشق،


(١) المنصور: أبو طاهر إسماعيل، مدة خلافته "٣٣٤ - ٣٤١ هـ/ ٩٤٦ - ٩٥٢ م". انظر: اتعاظ الحنفا، جـ ١، ص ٨٢ - ٩٢.
(٢) مخلد بن كيداد الخارجي، أبو يزيد. انظر ترجمته في اتعاظ الحنفا، جـ ١، ص ٧٥ - ٨٥.
(٣) هو: أبو تميم معد، مدة خلافته "٣٤١ - ٣٦٥ هـ/ ٩٥٢ - ٩٧٦ م". انظر: اتعاظ الحنفا، جـ ١، ص ٩٣ وما بعدها.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥١٣ حيث ينقل أبو شامة أقوال القاضي عبد الجبار.
(٥) أبو ذر الهروي: هو عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير، أبو ذر الأنصاري الهروي، عالم بالحديث من الحفاظ والفقهاء المالكية. توفي سنة ٤٣٤ هـ/ ١٠٤٣ م. انظر: الأعلام، جـ ٤، ص ٤١. الطبعة الثانية.
(٦) هو: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدى البغدادي الدارقطني. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٧) سورة الإسراء: آية (٥٨).
(٨) انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥١٣.
(٩) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين للتوضيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>