للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، وساروا إلى حلب، فأكرمهم الملك الظاهر صاحب حلب، ثم ورد مرسوم الملك العادل يطلبه، فخرج من حلب يريد التوجه إلى مصر [٢٨٢] وبات بعين المباركة (١) وإذا [بخمسين] (٢) فارسًا قد أحاطوا بخيمته ليلًا وقالوا: نريد القاضي. فخرج إليهم فنزل منهم ثلاثة فقتلوه وقالوا لغلمانه: أحبطوا متاعكم فما كان لنا غرض سواه. واتصل الخبر بالملك الظاهر فخرج وفرق الرجال في الطرقات فلم بقع لهم خبر، وكان كما قيل هرب من القتل إلى القتل. (٣)

أبو العباس الحربي أحمد بن سلمان ويلقب بالسكر، قرأ القرآن بالروايات وسمع الحديث الكثير، ومولده سنة أربعين وخمسمائة، وكان صالحًا زاهدًا عابدًا، أقام في الحربية (٤)، يختم القرآن كل ليلة في صلاة التراويح. قال السبط: وكنت أصلي خلفه (٥)، وكان قنوعًا صبورًا على الفقر، وتوفي في صفر، ودفن بباب حرب، سمع أبا الوقت وابن البطي وغيرهما، وسمعنا عليه الحديث، وكان ثقة صدوقا (٦).

أبو محمد الحراني عبد المنعم بن علي بن الصيقل ولقبه نجم الدين، قدم بغداد أول مرة في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وتفقه على أبي الفتح بن المنى وسمع الحديث الكثير من أبي الفتح بن الشاتل وأبي السعدات بن زريق وابن الجوزي وغيرهم، وعاد إلى حران ووعظ بها وحصل له القبول التام، وعاد إلى بغداد فاستوطنها ووعظ بها. قال السبط: وحضرت مجلسه بمسجد باب المشرعة وسمعته ينشد:

واشتاقكم يا أهل ودي وبيننا … كما زعم البينُ المشت فراسخ

فأما الكرى عن ناظري فمشرد … وأما هواكم في فؤادي فراسخ


(١) عين المباركة: مكان ظاهر حلب، راجع السلوك، جدا، ق ١، ص ١٩٧٠.
(٢) "بخمسون" كذا في الأصل.
(٣) ورد هذا الخبر بتصرف في السلوك، ج ١، ق ١، ص ١٩٨.
(٤) الحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد، عند باب حرب تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي. انظر معجم البلدان، ج ٢، ص ٤٣٤.
(٥) "وراءه" كذا في الأصل والتصحيح من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤١ حيث ينقل عنه.
(٦) مرآة الزمان، ج ٥، ص ٣٤١؛ وانظر ترجمته في ابن عماد الحنبلي، شذرات الذهب، ج ٥، ص ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>