للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: إن الله قد أوجب عليك بما أعطاك في سعة المال والملك وكثرة الجنود أن تستنقذ المسلمين وبلادهم من أيدي الكفار وتخليصهم مما يجرى عليهم من الحكم في الأنفس والأموال، ونحن نتفق معك على محاربة الخطأ ونحمل إليك ما كنا نحمل إليهم، ونذكر اسمك في الخطبة وعلى السكة. فأجابهم خوارزم شاه محمد إلى ذلك وقال: أخاف أنكم لا تفون لي. فسير إليه أهل سمرقند وجوه أهل بخاري وسمرقند بعد أن حلّفوا صاحبهم على الوفاء بما تضمنه وضمنوا عنه الصدق والوفاء بما بذل وجعلوا عنده رهائن.

فشرع في إصلاح أمر خراسان، وتقرير قواعدها، فولى أخاه على شاه طبرستان مضافة إلى جرجان، وأمره بالحفظ والاحتياط، وولى الأمير كزلك خان وهو من أقاربه لأمه وأعيان دولته نيسابور، وجعل معه عسكرًا، وولي الأمير جلدك مدينة الحمام وولى أمين الدين مدينة زوزن (١) وهذا الأمين كان حمالًا وعاد من أكبر الأمراء وملك بعد ذلك كرمان. وأقر الحسين بن خرميل على هراة وجعل معه فيها ألف فارس من الخوارزمية، وصالح غياث الدين محمودًا على ما بيده من بلاد الغور، واستناب نوايا في مرو وسرخس وغيرهما من خراسان وأمرهم بحسن السيرة والحفظ والاحتياط وجمع عساكره جميعها وسار خوارزم شاه وعبر جيحون واجتمع بسلطان سمرقند وسمع به الخطأ فحشدوا وجاءوا إليه وجرت بينهم وقعات كثيرة ومغاورات فتارة له وتارة عليه. وفيها قتل حسين بن حزميل وحوصرت هراة وذلك أن ابن حزميل رأي سوء معاملة عسكر خوارزم شاه الذي رتبه عنده بهراة للرعية وتعديهم إلى الأموال، فقبض عليهم وحبسهم [٣٠٤] وبعث رسولًا إلى خوارزم شاه يعتذر ويعرفه ما صنعوا وما صنع بهم، فعظم عليه ولم يمكنه محاققته لاشتغاله بقتال الخطأ، فكتب إليه يستحسن فعله ويأمره بإنفاذ الجند الذين قبض عليهم لحاجته إليهم، وقال: إني أمرت عز الدين جلدك صاحب الحمام أن يكون عندك لما أعلمه من عقله وحسن سيرته وأرسل إلى جلدك بالمسير إلى هراة وأسرّ إليه أن يحتال في القبض على ابن خرميل ولو أول ساعة يلقاه، فسار جلدك في ألفي فارس وكان أبوه طغرل أيام السلطان سنجر واليًا بهراة وكان يختارها على جميع خراسان، فلما قاربها وعزم ابن حزميل على الخروج للقائه، قال له وزيره وكان يعرف بخواجا الصاحب: لا تخرج إليه ودعه يدخل إليك منفردًا فإني أخاف أن يغدر بك وأن يكون خوارزم شاه قد أمره بذلك.


(١) زُوزَن: كوره واسعة بين نيسابور وهران، معجم البلدان، ج ٢، ص ٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>