للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخالفه وراح إليه فقبضه وانهزم أصحابه، فدخلوا المدينة وأخبروا الوزير بالحال فأمر بغلق الأبواب والقتال من على الأسوار، وأرسل جلدك إلى الوزير الأمان ويتهدده إن لم يسلم البلد، فقال الوزير: هذا البلد لغياث الدين ولأبيه من قبله. فقدم ابن حزميل إلى السور فقال للوزير، افتح لهم البلد. فقال: لا. فقتل ابن حزميل وأرسل إلى خوارزم شاه يخبره بجلية الحال، فأرسل خوارزم شاه إلى كذلك خان والي نيسابور، وإلى أمين الدين أبي بكر صاحب زوزن يأمرهما بالمسير إلى هراة وحصارها وأخذها فسارا في عشرة آلاف فارس فنزلوا على هراة وراسلوا الوزير في تسليمها، فامتنع وقال: ليس لكم من المحل ما يقتضى أن نسلم لكم مثل هراة، لكن إذا وصل السلطان خوارزم شاه سلمناها إليه، فقاتلوه وجدوا في قتاله فلم يقدروا عليه، ثم جمعوا المياه أيامًا ثم أرسلوها فأحاطت بالسور فلم يقدروا على أن يدنوا من السور، فانتقل العسكر من المدينة وما أمكنهم القتال لبعدهم عن السور، وأما خوارزم شاه فإنه دام القتال بينه وبين الخطأ، ففي بعض الأيام اقتتلوا قتالًا شديدًا ثم انهزم المسلمون هزيمة كبيرة ودام القتال بينهم، وقتل كثير وأسر كثير وأسر السلطان خوارزم شاه وأمير كبير من أمرائه يقال له شهاب الدين بن مسعود، ووصلت العساكر الإسلامية إلى خوارزم ولم يروا السلطان فأرسلوا إلى كزلك خان والي نيسابور وهو يحاصر هراة فأعلموه الحال، فحين سمع سار عن هراة ليلًا إلى نيسابور، ولما وصل إليها شرع في عماره سورها وكان خوارزم شاه قد خربه لما ملكها من الغورية، وأدخل كزلك خان إليها الميره واستكثر من الجند وعزم على الاستيلاء على خراسان إن صح فقد السلطان، وبلغ خبر عدم السلطان إلى أخيه على شاه وهو يومئذ بطبرستان، فدعى إلى نفسه وقطع خطبه أخيه واستعد لطلب السلطنة، واختلطت خراسان اختلاطًا عظيمًا ثم ذكر ما جرى بين السلطان خوارزم شاه وبين ابن مسعود وهما في الأسر كما ذكرناه عن قريب.

وحاصل الكلام لما وصل خوارزم شاه إلى خوارزم ضربت له البشائر وزينوا البلد وأتته الأخبار بما صنع كزلك بنيسابور وبما صنع أخوه علي شاه بطبرستان، وبلغ كلك خان وصوله فأخذ أمواله وعسكره [٣٠٥] وهرب نحو العراق، وبلغ أخوه علي شاه وصول أخيه فخافه وسار إلى غياث الدين محمود الغورى، فلقاه وأكرمه وأنزله عنده، وأما خوارزم شاه فإنه دخل نيسابور وأصلح أمرها وسار إلى هراة وجعل فيها نائبًا مع عسكره الذي يحاصرها وأحسن إلى أولئك الأمراء ووثق بهم لأنهم صبروا على تلك الحال ولم يتغيروا ولم يبلغوا

<<  <  ج: ص:  >  >>