للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المرآة (١): قبض الخليفة على الوزير المذكور ليلًا، بعث إليه رجلًا من أهل باب الأزج يقال له ابن دُكاله، فأغلق بابه وأقام أيامًا ثم نقله إلى دار طاشتكين بالصاغة في دار الخليفة التي مات فيها القاضي شريح، ونقل أهله وأولاده وأمواله وذخائره، ووجدوا له من الأموال والذخائر ما لم يوجد في خزائن الخلفاء، وفوض الأمر إلى المكين (٢) محمد القمي كاتب الإنشاء بين يدي ابن مهدى، وناب القمي بعد ذلك في الوزارة إلى أيام المستنصر فقبض عليه، واختلفوا في سبب عزل الوزير ابن مهدي، فقال قوم: كان ظالمًا جبارًا قاسيًا متكبرًا قليل الرحمه قَلَّ إن حبس أحدًا فتخلص منه. قال السبط: وحكي لي خالي أبو محمد يوسف قال: شفعت يومًا إليه في محبوس، فقال: وكم له في الحبس؟ قلت: خمس سنين. فقال: هذا ليس بمحبوس المحبوس عندنا في العجم من يمضي عليه خمسون سنة. وقال آخرون: إن المكين القمي سعي به إلى الخليفة، وقال: إنه طمع في الخلافة ويقول أنا علوى ونحن أحق وأنه ينفذ الأموال إلى العجم من قواصر (٣) التمر إلى أهله ليجندوا (٤) العساكر ويقيموا ملكًا ويقصدوا بغداد. وقال آخرون: إنه اتفق [٣١١] مع ابن الساوا (٥) النصراني على قتل علاء الدين يتامش مملوك الخليفة، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

ومنها أن الحجاج رجعوا إلى العراق وهم يدعون إلى الله ويشكون إلى الناس ما لقوا من صدر جهان البخاري الحنفي (٦) الذي كان قدم بغداد في رسالة فاحتفل به الخليفة، وخرج إلى الحج في هذه السنة فضيق على الناس في المياه والميرة، فمات نحو من ستة آلاف من الحجيج العراقي في هذه السنة، وكان غلمانه تسبق إلى المناهل فيحجزون على الماء ويأخذونه فيرشونه حول خيمة مخدومهم في قيظ الحجاز، ويسقونه البقولات


(١) نقل العيني هذا الخبر من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٢) هو المكين أبو الحسن محمد بن محمد القُمّى. الجامع المختصر، ج ٩، ص ٢٢٢.
(٣) قواصر التمر: مفردها القوصرة، وهي وعاء التمر يتخذ من قصب. انظر المصباح المنير، مادة قصر؛ لسان العرب.
(٤) ليجيدوا: كذا في الأصل، والمثبت من المرآة، ج ٨، ص ٣٤٨ حيث ينقل العينى عنه؛ وكذا في الذيل على الروضتين، ص ٥٩ - ص ٦٠.
(٥) "السارى" كذا في الأصل، ومرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩٨، والتصحيح من الذيل على الروضتين، ص ٦٠؛ الجامع المختصر، ص ٢٢٠.
(٦) هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز البخاري. انظر الذيل على الروضتين، ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>