للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمع الحديث الكثير وقرأ القرآن الكريم، وأتقن علومه وحرر علومًا جمة، وكان مقامه بالموصل، وقد جمع في سائر الفنون كتبًا مفيدة منها: جامع الأصول الستة، الموطأ، والصحيحان، وسنن أبي دواد، والنسائي، والترمذي، ولم يذكر ابن ماجه فيها. وله كتاب النهاية في غريب الحديث، وله شرح مسند الشافعي، وله التفسير في أربع مجلدات وغير ذلك في فنون شتي. وكان -رحمه الله - معظمًا عند ملوك الموصل، ولما آل الملك إلى نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي أرسل إليه مملوكه لؤلؤ فعرض عليه أن يستوزره فأبى، فركب السلطان إليه بنفسه فامتنع أيضًا، وقال: قد كبرت واشتهرت بنشر العلم ولا يصلح هذا الأمر إلا بشيء من العسف [٣٢٢]، ولا يليق بي ذلك فأعفاه. وقال أبو السعادات: كنت أقرأ علم العربية على الشيخ سعيد بن الدهان، فكان يأمرني بصنعة الشعر، فكنت لا أقدر عليه، فلما توفي الشيخ رأيته في بعض الليالى يأمرني بذلك، فقلت: ضَعْ لي مثالًا أعمل عليه فقال:

جُبْ الفلا مدْمنا إن فاتك الظفر … وخُذّ خَدَ الثرى والليل معتكر

فقلت أنا:

والعز في صهوات الخيل تركبه … والمجد ينتجه الإسراء والسهر

فقال لي: أحسنت. ثم استيقظت فأتممت عليها نحوًا من عشرين بيتًا. وقال ابن خلكان (١): وله المصنفات البديعة والرسائل الوسيعة منها: جامع الأصول وهو على وضع كتاب زين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، ومنها كتاب النهاية في خمس مجلدات، وكتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف في تفسير القرآن، أخذه من تفسير الثعلبي والزمخشري، وله كتاب المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار، وله كتاب طيف في صنعة الكتابة، وكتاب البديع في شرح الفصول في النحو لابن الدهان، وله ديوان رسائل (٢)، وكتاب الشافي في شرح مسند الإمام الشافعي، وغير ذلك في المصنفات.


(١) وفيات الأعيان، ج ٤، ص ١٤١ - ص ١٤٢.
(٢) "ديوان ورسائل" كذا في الأصل والمثبت هو الصحيح. انظر: وفيات الأعيان، ج ٤، ص ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>