للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخيارتان فكسر ذلك وقال الصلاة، ثم قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعثت (١) في زمن الملك العادل كسرى، فتبسم الشيخ عبد الله ومد يده فأكل، فلما قام الشيخ أبو عمر قال لي: ياسيدي ماذا إلَّا رجل صالح.

وقال أبو شامة (٢): كان الشيخ عبد الله من الصالحين الكبار، وقد رأيته، وكانت وفاته بعد أبي عمر بعشر سنين، فلم يسامح الشيخ أبا عمر في تساهله مع ورعه، ولعله كان مسافراً [فلم تكن الجمعة واجبة عليه] (٣)، وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا جرى مجري الأعلام العادل، الكامل، الأشرف، كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود، وقد يكون المسمى بذلك على الضد من هذه الأسماء، وكذلك إطلاق العادل ونحوه على أنه قد جاء إطلاقة على الشرك فهذا أولى. (٤) وقال ابن كثير: (٥) هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له وليس هو في شيء من الكتب المشهورة، وعجباً له ولأبي المظفر يعني سبط ابن الجوزي ثم لأبي شامة في قبول مثل هذا الحديث، وأخذه منه مسلماً.

وقال السبط: مرض الشيخ أبو عمر أياماً فلم يترك شيئًا مما كان يعمله من الأوراد حتى كانت وفاته وقت السحر ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من ربيع الأول، فغسل بالدير وحمل إلى مقبرته في خلق كثير لا يعلمهم إلَّا الله عز وجل، ولم يبق أحد من الدولة والأمراء والعلماء والقضاة وغيرهم إلَّا حضر، وكان يوماً مشهوداً، وكان الحر شديداً فأظلت الناس سحابة من الحر كان يسمع منها كدوى النحل، وكاد الناس ينتهبون أكفانه لولا أن الوالي وأصحابه بالسيوف المسلولة والدبابيس دونه لأخذ الناس أكفانه. وقال أبو شامة (٦): ومن وصل إلى الماء الذي غسل به نشف به النساء مقانعهن والرجال عمائمهم. قال: ولما دفن رأى بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: من زار أبا عمر


(١) "ولدت" كذا في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٨، الذيل على الروضتين، ص ٧٢. والحديث من الأحاديث الموضوعة.
(٢) الذيل على الروضتين، ص ٧٢.
(٣) "إلَّا جمعه عليه" كذا في الأصل، والمثبت بين الحاصرتين من الذيل على الروضتين، ص ٧٢، الذي ينقل عنه العيني.
(٤) نقل العينى هذا الخبر من ابن كثير. انظر البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٥؛ ولمعرفة المزيد من تفاصيل هذه الرواية. انظر الذيل على الروضتين، ص ٧٢.
(٥) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٥
(٦) الذيل على الروضتين، ص ٧٣ - ص ٧٥؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٦؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٦٠ - ص ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>