ليلة الجمعة فكأنما رأى الكعبة، فاخلعوا نعالكم قبل أن تصلوا إليه. ومات عن ثمانين سنة، ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ولا قليلاً ولا كثيراً، وكان له من الأولاد الذكور: عمر والد أحمد بن عمر وبه كني أبو عمر، والشرف عبد الله والد العز، وأحمد، وعبد الرحمن. قال: وكانت له بنات تائبات عابدات سائحات. وقال: وقبره في طريق مغارة الجوع في الزقاق المقابل لدير الحوراني على يمين المار إلى المغارة، وإلى جانبه قبر أبيه الشيخ [٣٣١] أحمد (رحمه الله). وما رثي به قول محمد بن سعد المقدسي:
أبعد أن فقدت عينى أبا عمر … يضمني في بقايا العمر عمران
ما للمساجد منه اليوم مقفرة … كأنها بعد ذاك الجمع قيعان
ما للمحاريب بعد الأنس مُوحَشة … كأن لم يُتل فيها الدهر قرآنُ
تبكي عليه عيون الناس قاطبة … إذ كان في كل عين منه إنسان
وكان في كل قلب منه نور هدي … فصار في كل قلب منه نيرانُ
كم ميت ذكره حي ومتصف … بالحي ميت له الأثواب أكفانُ
وقال السبط:(١) وروى لنا الحديث وعلمني دعاء السنة، فقال: مازال مشايخنا يواظبون على هذا الدعاء في أول كل سنة وأخرها، فأما أول السنة فإنك تقول: اللهم أنت الأبدي القديم، وهذه سنة جديدة أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعون على هذه النفس الأمارة بالسوء والاشتغال بما يقربني إليك يا ذا الجلال والإكرام. فإن الشيطان يقول: قد أيسنا من نفسه فيما بقي، ويوكل الله به ملكين يحرسانه. وأما دعاء آخر السنة فإنك تقول في آخر يوم من أيام السنة: اللهم ما عملت في هذه السنة مما نهيتني عنه ولم ترضه ولم تنسه، وحَمَلتَ عنى بعد قدرتك على عقوبتي، ودعوتني إلى التوبة من بعد جرأتي على معصيتك، فإني أستغفرك فاغفر لي، وما عملت فيها مما ترضاه ووعدتني عليه الثواب فأسألك أن تتقبله مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم. فإن الشيطان يقول: تعبنا معه طول السنة فأفسد فعلنا في ساعة.