للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارين (١) وكان بيد إبراهيم بن المقدم، ألزمه عمه السلطان الملك العادل أن يردها عليه، فأجاب إلى تسليم منبج وقلعة نجم عوضا عنها، وهما خير من بارين بكثير، ولكنه اختار ذلك لقرب بارين من بلده، وجرت له حروب مع الفرنج وانتصر فيها، وكان ينظم الشعر، ولما توفى الملك المنصور كان ولده الملك المظفر المعهود إليه بالسلطنة عند خالة الملك الكامل بديار مصر في مقابلة الفرنج، وكان ولده الآخر الملك الناصر صلاح الدين قليج أرسلان عند خاله الآخر الملك المعظم بدمشق، وهو في الساحل في الجهاد وقد فتح قيسارية وهدمها، وسار إلى عثليث (٢) ونازلها، وكان الوزير بحماة زين الدين بن فريج، فاتفق هو وأكابر الدولة على استدعاء الملك الناصر صلاح الدين لعلمهم بلين عريكته وشدة بأس الملك المظفر، فأرسلوا إلى الملك الناصر وهو مع الملك المعظم كما ذكرنا، فمنعه الملك المعظم من التوجه إلا بتقرير مالي عليه يحمله إلى الملك المعظم في كل سنة، قيل: إن مبلغه أربع مائة ألف درهم. فلما أجاب الملك الناصر إلى ذلك وحلف عليه، أطلقه الملك المعظم. فقدم الملك الناصر إلى حماة، واجتمع بالوزير زين الدين بن فريج وبالجماعة الذين كاتبوه، واستحلفوه على ما أرادوا، وأصعدوه إلى القلعة، ثم ركب من القلعة بالصناجق السلطانية، وكان عمره إذ ذاك سبع عشرة سنة لأن مولده سنة ستمائة. ولما استقر الملك الناصر في حماة وبلغ أخاه الملك المظفر ذلك استأذن الملك الكامل في المضى إلى حماة ظنا منه أنه إذا وصل إليها يسلمونها له بحكم العهد الذي كان له في أعناقهم، فأعطاه الملك الكامل الدستور، وسار حتى وصل إلى الغور، فوجد خاله المعظم صاحب دمشق هناك، فأخبره ابن أخيه (٣) الناصر قد تملك حماة، ويخشى عليه أنه إن وصل إليه يعتقله، فسار الملك المظفر إلى دمشق وأقام بداره المعروفة بالزنجيلي، وكتب الملك المعظم والملك المظفر إلى أكابر حماة في تسليمها إلى الملك المظفر، فلم يحصل منهم إجابة، فعاد الملك المظفر إلى مصر وأقام في خدمة الملك الكامل، وأقطعه إقطاعا بمصر. وكان منه ما سنذكره إن شاء الله تعالى.


(١) بارين: مدينة بين حلب وحماة من جهة الغرب. معجم البلدان، ج ١، ص ٤٦٦.
(٢) عثليث: اسم حمن بسواحل الشام ويعرف الحصن الأحمر، فتحه الملك الناصر يوسف بن أيوب سنة ٥٨٣ هـ. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٦١٦.
(٣) "أخاه" كذا في الأصل والصحيح لغة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>