للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيه في أيام يسيرة، ولم يمهل الله حسنا أيضا بل سلبه الملك وشرده في البلاد، وقيل: بل قتل. وذلك أن الأمير أقباش امير حاج العراق قدم مكة في هذه السنة ومعه خلع للأمير حسن بن قتادة المذكور بولايته لإمرة مكة بعد أبيه، فنازع في ذلك راجح وهو أكبر أولاد قتادة، وقال: لا يؤمر عليها غيري. فوقعت فتنة أفضت إلى قتل أقباش غلطا، وتشتت حال حسن المذكور وشرد في البلاد وقيل: بل قتل كما ذكرنا (١).

الأمير (٢) أقباش بن عبد الله الناصري؛ اشتراه الخليفة وهو ابن خمس عشرة سنة بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أجمل صورة منه، ثم قربه [٤١٢] الخليفة إليه ولم يكن يفارقه، فلما ترعرع ولاه إمرة الحج والحرمين، وكان عاقلا متواضعا محبوبا إلى القلوب، حج ومعه خلع للتقليد لحسن بن قتادة، كان قتادة قد مات فلما وصل أقباش إلى عرفات جاءه راجح بن قتادة أخو حسن بن قتادة وسأله أن يوليه إمارة مكة وقال: أنا أكبر ولد قتادة. فلم يجبه، وظن حسن أن أقباش قد ولاه فأغلق أبواب مكة، وجاء أقباش فنزل بالشبيكة (٣) بعد أيام مني، ووقعت الفتنة بين حسن وأخيه، ومنع حسن الناس من الدخول إلى مكة، فركب أقباش ليسكن الفتنة ويصلح بين الأخوين، فخرج عبيد مكة وأصحاب حسن من باب المعلي يقاتلونه، فقال: ما قصدي القتال. فلم يلتفتوا عليه، وانهزم أصحابه وبقى هو وحده، وجاء عبد فعرقب فرسه فوقع إلى الأرض، فقتلوه وحملوا رأسه إلى حسن بن قتادة على رمح، فنصبه بالمسعى عند دار العباس، ثم رد إلى جسده ودفن بالمعلي (٤)، وأراد حسن نهب الحاج العراقي فمنعه المبارز المعتمد وخوفه الكامل والمعظم، فأجابه، ووصل الخبر إلى بغداد فحزن الخليفة حزنا عظيما، ولم يخرج الموكب للقاء الحاج، وأدخل الكوس والعَلمُ في الليل، ولم ينتطح فيه عنزان في قتل أقباش، وقد كان أولى أن يتناطح الكباش، وكان قتله في سادس عشر ذي الحجة.


(١) وردت هذه الأحداث في الكامل، ج ١٠، ص ٤٧٦ - ص ٤٢٧؛ مفرج الكروب في سنة ٦١٩ هـ، ج ٤، ص ١٢١ - ص ١٢٥.
(٢) انظر: الذيل على الروضتين، ص ١٢٣ - ص ١٢٤؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٠١.
(٣) الشَّبَيْكَة: واد قرب العرجاء، بين مكة والزاهر على طريق التنعيم، ومنزل من منازل حاج البصرة. والشبيكة ماء لبني سلول. معجم البلدان، ج ٣، ص ٢٥٩.
(٤) المعلى: وتكتب أيضا المعلا، وهو موضع بالحجاز.
معجم البلدان، ج ٤، ص ٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>