للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشهورين بالشر والغدر، واتفق أن دوشي خان مات فجاء إليها جنكيزخان معزيا، ولم يخلف ولدا فتولي عوض دوشي خان، فلما سمع بذلك ألطون خان الذي هو أكبر الخانات غضب غضبا شديدا حيث ولي جنكيزخان بغير أمره، فآخر الأمر بعد ماجريات كثيرة قوى جنكيزخان وملك البلاد [٤١٣] ثم قصد بلاد المسلمين، وجري بين عسكره وعسكر خوارزم شاه ماجريات كثيرة قد ذكرناها في أثناء السنين المتقدمة، فآل آخر الأمر إلى أن تشتت حال خوارزم شاه، وتوفي في هذه السنة على ما نذكره إن شاء الله تعالى (١).

(الثاني) في سيرته: كان فاضلا عالما بالفقه والأصول وغيرهما، وكان صبورًا على التعب وإدمان السير (٢). وقال ابن كثير (٣): وقد كان السلطان خوارزم شاه محمد فقيها حنيفا فاضلا، له مشاركات في فنون من العلم، يفهم جيدا ولم يكن بعد ملوك بني سلجوق أكثر حرمة ولا أعظم ملكا منه؛ لأنه إنما كانت همته في الملك لا في اللذات والشهوات، ولهذا قهر الملوك بتلك الأراضي، وأحل بالخطا بأسا شديدا حتى لم يبق ببلاد خراسان وما وراء النهر وكذلك عراق العجم وغيرها من البلاد والمماليك سلطان سواه، وجميع البلاد تحت أيدي نوابه، وكان قد اتسع ملكهـ وعظم محله، مَلَكَ من حد العراق إلى تركستان، وملك بلاد غزنة، وبعض الهند وسجستان وملك بلاد غزنة وكرمان وطبرستان وجرجان وبلاد الجبل وخراسان وبعض فارس.

وفي المرآة (٤): قصد العراق في أربع مائة ألف، ووصل إلى همذان يريد بغداد، وقيل: كان معه ستمائة جتر (٥) تحت كل جتر ألف، وكان قد أفنى ملوك خراسان وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند وأخلى البلاد من الملوك واستقل بها فكان ذلك سببا الهلاكهـ. قال: وكان لما نزل همدان سبعون ألفا من الخطا في عسكره فكاتب القمي يعني وزير بغداد عساكره ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مع الخطا على قتله، وبعث القمي إليهم بالأموال والخيول والخلع سرًا، فكان ذلك سببا لوهنه، ولما علم خوارزم شاه بذلك


(١) ورد هذا الخبر في سيرة منكبرتي، ص ٣٨ - ٤٠.
(٢) ورد هذا الخبر بتصرف في الكامل، ج ١٢، ص ٣٧١.
(٣) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٦.
(٤) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٣٩٣ - ص ٣٩٤.
(٥) الجنر: مظلة أوقبة من حرير أصفر مزركش من الذهب على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب حيث كانت تحمل على رأس السلطان في العيدين.
انظر: القلقشندي، صبح الأعشى، ج ٤، ص ٧ - ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>