للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَيُضَاعِفُ الحسنةَ ألفَىْ (١) ألفِ حسَنةٍ" (٢).

وقال آخرون: بل ذلك للمهاجرين (٣) خاصَّةً دونَ أهلِ البوادى والأعرابِ.

واعتلُّوا في ذلك بما حدَّثنا به محمدُ بنُ هارونَ أبو نَشيطٍ، قال: ثنا يحيى بنُ أبي بُكَيْرٍ، قال: ثنا فُضَيْلُ بنُ مرزوقٍ، عن عطيةَ العوفيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بن عمرَ، قال: نزَلت هذه الآيةُ في الأعرابِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]. قال: فقال رجلٌ: فما للمهاجرين؟ قال: ما هو أعظمُ مِن ذلك: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. وإذا قال اللهُ لشيءٍ: عظيمٌ. فهو عظيمٌ (٤).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلَى القولينِ في ذلك بالصوابِ، قولُ مَن قال: عنَى بهذه الآيةِ المهاجرين دونَ الأعرابِ، وذلك أنه غيرُ جائزٍ أن يكونَ في أخبارِ اللهِ أو أخبارِ رسولِه شيءٌ يَدْفَعُ بعضُه بعضًا، فإذا كان صحيحًا وعدُ اللَّهِ مَن جاء مِن عبادِه المؤمنين بالحسنةِ مِن الجزاءِ عشرَ أمثالِها، ومَن جاء بالحسنةِ منهم أن يُضاعِفَها له، وكان الخبران اللذان ذكَرْناهما عنه صحيحين - كان غيرَ جائزٍ إلا أن يكونَ أحدُهما مُجْمَلًا، والآخَرُ مُفَسَّرًا، إذ كانت أخبارُه يُصَدِّقُ بعضُها بعضًا. وإذ كان ذلك كذلك، صحَّ أن خبَر أبى هريرةَ معناه أن الحسنةَ لتُضَاعَفُ للمهاجرين مِن أهلِ الإيمانِ ألفَىْ ألفِ حسنةٍ، وللأعرابِ منهم عشرَ أمثالِها، على ما


(١) في الأصل: "ألف".
(٢) أخرجه أحمد ١٣/ ٣٢٧ (٧٩٤٥) عن يزيد بن هارون به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٣ إلى المصنف. وإسناده ضعيف؛ لضعف على بن زيد.
(٣) في ص، م: "المهاجرون".
(٤) أخرجه سعيد بن منصور (٦٣٦ - تفسير)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٥ (٥٣٣٨، ٥٣٣٩)، ٥/ ١٤٣٢ (٨١٦٨) من طريق فضيل بن مرزوق به، وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور ٢/ ١٦٢ إلى ابن المنذر والطبراني.