للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحة كون ذلك كذلك صحة ما قلنا وفساد ما خالفه.

القول في تأويل قوله: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤه: ولا التوبة للذين يموتون وهم كفارٌ. فمَوضِعُ ﴿الَّذِينَ﴾ خَفْضٌ؛ لأنه معطوفٌ على قوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾.

وقوله: ﴿أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. يقولُ: هؤلاء الذين يموتون وهم كفارٌ أعتدنا لهم عذابًا أليمًا؛ لأنهم [من التوبة أبعد، لموتهم] (١) على الكفر.

كما حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا محمدُ بنُ فُضَيلٍ، عن أبي النضر، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾: أولئك أبعد من التوبة (٢).

واختلف أهل العربية في معنى: ﴿أَعْتَدْنَا لَهُمْ﴾؛ فقال بعضُ البصريين: معنى ﴿أَعْتَدْنَا﴾: أفعلنا، من العتاد. قال: ومعناها: أعددنا.

وقال بعضُ الكوفيين: أعْدَدنا وأعتدنا معناهما واحدٌ.

فمعنى قوله: ﴿أَعْتَدْنَا لَهُمْ﴾: أعْدَدنا لهم. ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾. يقولُ: مؤلمًا مُوجِعًا.

القولُ في تأويل قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾.


(١) في م: "أبعدهم من التوبة كونهم".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٣١ إلى المصنف.