للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ﴾ [الصافات: ٢٤، ٢٥]. وأن الرجلَ منهم لا يَنْفَعُه نَسِيبُه ولا ذو رَحِمِه، وإن كان نَسيبُه للهِ وليًّا، فقال جل ثناؤُه في ذلك: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤]. وأخبر جل ذِكرُه أن أعمالَهم تَصيرُ عليهم حسراتٍ.

وكلُّ هذه المعاني أسبابٌ يُتَسبَّبُ في الدنيا بها إلى مطالبَ، فقَطَع اللهُ منافعَها في الآخرةِ عن الكافرين به [في الدنيا] (١)؛ لأنها كانت بخلافِ طاعتِه ورضاه، فهي منقطعةٌ بأهلِها، فلَا خِلالُ بعضِهم بعضًا نَفَعهم عند وُرودهِم على ربِّهم، ولا عِبادتُهم أَنْدادَهم، ولا طاعتُهم شياطِينَهم، ولا دافَعَتْ عنهم أرحامٌ فنَصَرَتْهم مِن انتقامِ اللهِ منهم، ولا أغنَتْ عنهم أعمالُهم، بل صارتْ عليهم حسراتٍ، فكلُّ أسبابِ الكفارِ منقطعةٌ، فلَا معنى أبلغُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ مِن صفةِ اللهِ، وذلك ما بيَّنَّا مِن جميعِ أسبابِهم دونَ بعضِها، على ما قلنا في ذلك.

ومن ادَّعَى أن المَعْنيَّ بذلك خاصٌّ مِن الأسبابِ، سُئِل البُرهانَ (٢) على دعواه مِن أصلٍ لا تَنازُعَ فيه، وعُورِضَ بقولِ مخالِفِه فيه، فلن يقولَ في شيْءٍ من ذلك قولًا إلَّا أُلزِم في الآخَرِ مِثلَه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا﴾.


(١) سقط من: م. ت ١، ت ٢.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عن البيان".