للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾. يقولُ: ثم إذا شاء اللَّهِ أنشَره بعدَ مماتِه وأحياه.

يقالُ: أنشَر اللهُ الميتَ. بمعنى: أحياه، ونشَر (١) الميتُ، بمعنى: حَيِى هو نفسُه.

ومنه قولُ الأعشى (٢):

حتى يقولَ الناسُ ممَّا رأَوْا … يا عَجَبًا للمَيِّتِ النَّاشِرِ

وقولُه: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: كلا، ليس الأمرُ كما يقولُ هذا الإنسانُ الكافرُ؛ من أنه قد أدَّى حقَّ اللَّهِ عليه في نفسِه ومالِه، ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾: لم يؤدِّ ما فرَض عليه مِن الفرائضِ ربُّه.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾. قال: لا يقضى أحدٌ أبدًا ما افْتُرِض عليه. وقال الحارثُ: كلَّ ما افْتَرَض عليه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠)﴾.


(١) بعده في ص، ت ١: "الله".
(٢) تقدم في ٤/ ٦١٨، ١٧/ ٤٦٦، ٢٠/ ٥٥٥، ٥٥٦.
(٣) تفسير مجاهد ص ٧٠٥، ومن طريقه الفريابي - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٦٠ - وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٣٤٦ - من طريق ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.