للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُؤْمِنُ بهِ﴾، يقولُ: ومنهم مَن لا يُصَدِّقُ به، ولا يُقِرُّ أبدًا. ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾، يقول: والله أعلم بالمكذِّبين به منهم، الذين لا يُصَدِّقون به أبدًا مِن كلِّ أحدٍ، لا يَخْفى عليه، وهو من وراء عقابه. فأما من كتبتُ له أنه يؤمِنُ به منهم فإني سأتوبُ عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمد : وإن كَذَّبَك يا محمد هؤلاء المشركون، ورَدُّوا عليك ما جئتَهم به مِن عندِ ربِّك، فقلْ لهم: أيُّها القومُ، لي دِيني وعَمَلى، ولكم دينُكم وعملُكم، لا يَضُرُّني عملكم، ولا يَضُرُّكم عَملى، وإنما يُجازَى كلُّ عامل بعمَلِه، ﴿أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ﴾ لا تُؤخَذون (١) بجريرته، ﴿وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ لا أُوْخَذُ (٢) بجريرةِ عملِكم. وهذا كما قال جلّ ثناؤه: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ] [الكافرون: ١ - ٣].

وقيل: إن هذه الآيةَ منسوخةٌ، نَسَخَها الجهادُ والأمرُ بالقتالِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وَهْبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلَكُمْ﴾ الآية. قال: أمَره بهذا، ثم نَسَخَه وأمَرَه بجهادِهم (٣).


(١) في م: "تؤاخذون".
(٢) في م: "أؤاخذ".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٥٤ من طريق آخر عن ابن زيد به.