للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كذا. يعني: أعْذَر، ومن ذلك قولُ لَبيدٍ (١):

إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسمُ السَّلامِ عليكُما … ومَنْ يَبْكِ حَوْلًا كاملًا فَقَدِ اعْتَذَرْ

فقال: فقد اعْتَذَر، بمعنى: فقد أعْذَر.

على أن أهلَ التأويلِ قد اختلفوا في صفةِ هؤلاء القومِ الذين وَصَفَهم اللهُ بأنهم جاءوا رسولَ اللهِ مُعَذِّرين؛ فقال بعضُهم: كانوا كاذِبين في اعْتذارِهم، فلم يَعْذُرْهم اللهُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أبو عُبيدةَ عبدُ الوارثِ بنُ عبدِ الصَّمَدِ، قال: ثنى أبي، عن الحسينِ، قال: كان قتادةُ يقرأُ: (وجَاء المُعَذَّرُونَ (٢) مِنَ الأعْرَابِ). قال: اعْتَذَروا بالكذبِ (٣).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا يحيى بنُ زكريا، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾. قال: نَفَرٌ مِن بنى غِفارٍ، جاءوا فاعْتَذَروا، فلم يَعْذُرْهم اللهُ (٤).

فقد أَخْبَر مَن ذكَرْنا من هؤلاء أن هؤلاء القومَ إنما كانوا أهلَ اعْتذارٍ بالباطلِ لا بالحقِّ، فغيرُ جائزٍ أن يُوصَفوا بالإعْذارِ، إلا أن يُوصَفوا بأنهم أعْذَرُوا في الاعْتذارِ بالباطلِ، فأمَّا بالحقِّ - على ما قاله مَن حَكينا قولَه مِن


(١) تقدم تخريجه في ١/ ١١٧.
(٢) بفتح الذال والتشديد، وهى قراءة شاذة. ينظر مختصر في شواذ القرآن ص ٥٩.
(٣) في م: "بالكتب".
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٣٧.