للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ بكسرِ اللامِ الأولى وفتحِ الثانيةِ (١)، بمعنى: وما كان مكرهم لِتَزُولَ منه الجبالُ.

وإنما قلنا ذلك هو الصوابُ؛ لأن اللام الأولى إذا فُتِحت، فمعنى الكلامِ: وقد كان مكرُهم تزولُ منه الجبالُ، ولو كانت زالت لم تكن ثابتةً، وفي ثبوتِها على حالتها ما يُبين عن أنها لم تزل. وأخرى: إجماعُ الحجةِ من القرأَةِ على ذلك، وفى ذلك كفايةٌ عن الاستشهادِ على صحتِها وفسادِ غيرِها بغيرِه.

فإن ظنَّ ظانٌّ أن ذلك ليس بإجماعٍ من الحجةِ، إذ كان من الصحابةِ والتابعينَ مَن قرَأ ذلك كذلك، فإن الأمرَ بخلافِ ما ظنَّ في ذلك، وذلك أن الذين قرَءوا ذلك بفتحِ اللامِ الأولى ورفعِ الثانيةِ، قرَءوا: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ) بالدالِ، وهى إذا قُرِئت كذلك، فالصحيحُ (٢) من القراءةِ مع: (وَإنْ كادَ (٣)) فتحُ اللامِ الأولى ورفعُ الثانيةِ على ما قرَءوا، وغيرُ جائزٍ عندَنا القراءةُ كذلك؛ لأن مصاحفَنا بخلافِ ذلك، وإنما خَطُّ مصاحفِنا: ﴿وَإِنْ كَانَ﴾ الله بالنونِ لا بالدالِ، وإذ كانت كذلك، فغير جائزٍ لأحدٍ تغييرُ رسمِ مصاحفِ المسلمينِ، وإذا لم يجُزْ ذلك، لم يكن الصَّحاحُ من القراءةِ إلا ما عليه قرأةُ الأمصارِ، دونَ مَن شَذَّ بقراءتِه عنهم.

وبنحوِ ما قلنا في معنى: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ﴾. قال: جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن


(١) القراءتان كلتاهما صواب، وليست إحداهما بأولى من الأخرى.
(٢) في ص، ف: "بالصحة".
(٣) في ص، ف: "كان".