يقولُ تعالى ذكرُه: كان هؤلاء اليهودُ الذين لعنهم الله، ﴿لَا يَتَنَاهَوْنَ﴾. يقولُ: لا يَنْتَهُون ﴿عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ﴾، ولا يَنْهَى بعضُهم بعضًا. ويعنى بالمنكر المعاصى التي كانوا يعصون الله بها. فتأويلُ الكلام: كانوا لا يَنْتَهُون عن منكرٍ. ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾. وهذا قَسَمٌ مِن الله تعالى ذكرُه. يقولُ: أُقْسِمُ لَبَئسَ الفعلُ كانوا يفعلون؛ في تركهم الانتهاء عن معاصى الله تعالى، وركوبِ محارمه، وقتل أنبياء الله ورسلِه.
كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ﴾: لا تَتَناهى أنفسهم بعد أن وقعوا في الكفر.
يقولُ تعالى ذكرُه: ترى يا محمدُ كثيرًا من بني إسرائيلَ ﴿يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. يقولُ: يَتَولُّون المشركين من عبدة الأوثان، ويُعادون أولياء الله ورسله، ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾. يقول تعالى ذكرُه: أُقْسِمُ لبئس الشئُ الذي قدَّمَت لهم أنفسهم أمامهم إلى مَعادِهم في الآخرةِ، ﴿أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: قدَّمت لهم أنفسُهم سخط الله عليهم بما فعلوا.
و ﴿أَنْ﴾ في قوله: ﴿أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾. في موضع رفعٍ؛ ترجمةً عن ﴿مَا﴾ الذي في قوله: ﴿لَبِئْسَ مَا﴾.
﴿وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾. يقولُ: وفي عذابِ اللَّهِ يومَ القيامة هم