للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى رسولِه، سلَك بنا سبيلَهم في العقوبةِ، وإعلامٌ منه لنا أنه لا يَظْلِمُ أحدًا مِن خلقِه، وأن العبادَ هم الذين يَظْلِمون أنفسَهم.

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ، قال: اعْتَذَر -يعنى ربُّنا جلَّ ثناؤُه- إلى خلقِه، فقال: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾. مما ذكَرْنا لك من عذابِ مَن عذَّبْنا من الأممِ، ﴿وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ﴾ حتى بلَغ: ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾. قال: ما زادهم (١) الذين كانوا يَعْبُدونهم غيرَ تَتْبيبٍ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)﴾.

يقولُ ﷿: وكما أخَذْتُ، أَيُّها الناسُ، أهلَ هذه القرى التي اقْتَصَصْتُ عليك نبأَ أهلِها، بما أخَذْتُهم به من العذابِ، على خلافِهم أمرِى، وتكذيبِهم رسلي، وجُحودِهم آياتِى، فكذلك أخْذى القرى وأهلَها، إِذا أَخَذْتُهم بعقابي، وهم ظَلمةٌ لأنفسِهم بكفرِهم باللهِ، وإشراكِهم به غيرَه، وتكذيبِهم رسلَه، ﴿إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: إِن أَخْذَ ربِّكم بالعقابِ مَن أَخَذه، ﴿أَلِيمٌ﴾. يقولُ: مُوجِعٌ، شديدُ الإيجاعِ.

وهذا أمرٌ مِن اللهِ ﷿، تحذيرٌ لهذه الأمَّةِ أن تسلكَ في معصيتِه طريقَ مَن قبلَهم مِن الأممِ الفاجرةِ، فيَحِلَّ بها (٣) ما حلَّ بهم مِن المَثُلاتِ.


(١) في ت ١، ت ٢، س: "زادوهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٦/ ٢٠٨٢ من طريق آخر عن ابن زيد دون آخره.
(٣) فى م: "بهم".